بريطانيا تلغي 22 ألف بطاقة إعاقة استُخدمت بعد وفاة أصحابها

أعلنت الحكومة البريطانية عن إلغاء 22 ألف بطاقة إعاقة زرقاء (Blue Badges) كانت ما تزال فعّالة، رغم وفاة أصحابها، في خطوة تهدف إلى وقف ظاهرة الاستغلال الاجتماعي.

هذه الحملة جاءت ضمن أكبر عملية وطنية لمكافحة الاحتيال في تاريخ بريطانيا، والتي نجحت خلال العام المالي الأخير في استرداد نحو 480 مليون جنيه إسترليني، من أموال دافعي الضرائب، التي تم الاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة.

بطاقات «البلوبادج» تمثل lifeline لذوي الإعاقة، إذ تمنحهم تسهيلات في المواقف وتساعدهم على التنقل بسهولة، لكن بقاء آلاف البطاقات صالحة بعد وفاة أصحابها كشف عن سوق سوداء نشطة، وعن استغلال غير مشروع من أقارب أو غرباء حوّلوا هذه الميزة الإنسانية إلى وسيلة للربح.

التحقيقات المحلية والمركزية أظهرت أن أبرز مظاهر التلاعب شملت:

• استخدام بطاقة متوفى: حيث احتفظ أقارب بها بعد وفاة صاحبها.
• طلب بطاقات بديلة بحجة الضياع أو التلف رغم أن صاحبها الأصلي قد فارق الحياة.
• استعمال البطاقات من غير ذوي الإعاقة للتهرب من رسوم المواقف أو رسوم الازدحام.
• تزوير البيانات مثل تعديل الاسم أو مدة الصلاحية.
• التداول التجاري عبر بيع البطاقة في السوق السوداء مقابل مبالغ كبيرة.
• المشاركة العائلية، حيث يمنح بعض الأفراد البطاقة لغير المستحقين من أقاربهم أو أصدقائهم.

وزارة العمل والجهات المختصة أكدت أن هذه الانتهاكات لا تقتصر على بطاقات الإعاقة فحسب، بل تتقاطع مع مظاهر أوسع للاحتيال الاجتماعي في أنظمة الدعم والرعاية.

أوجه الاحتيال في الإعانات الاجتماعية

التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة العمل والمعاشات البريطانية (DWP) أشارت إلى أن معدل الأخطاء والاحتيال في نظام الإعانات بلغ نحو 3.3٪ من إجمالي الإنفاق، أي ما يعادل 9.5 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

وتنوّعت أشكال التلاعب بين المطالبة بإعانات رغم وجود دخل خفي أو عمل غير معلن ،وإخفاء تغيّرات في الظروف مثل الانتقال للعيش مع شريك أو ارتفاع الدخل، وتسجيل أفراد غير موجودين للاستفادة من الدعم، وصرف إعانات باسم أشخاص متوفين، واستخدام مستندات أو تقارير طبية مزوّرة، وكذلك الجمع بين أكثر من إعانة من دون وجه حق.

التكنولوجيا في مواجهة الاحتيال

الحكومة البريطانية استثمرت بقوة في الذكاء الاصطناعي وأدوات مطابقة البيانات، أداة Fraud Risk Assessment Accelerator ساعدت على تحليل ملايين المعاملات وكشف أنماط مشبوهة قبل استغلالها.

كما تم اعتماد نظام ربط إلكتروني بين قواعد البيانات الحكومية (السجل المدني، الضرائب، الرعاية الصحية، الإسكان) مما يسمح بالكشف الفوري عن حالات الوفاة أو التضارب في المعلومات، وبالتالي وقف البطاقات أو الإعانات المخالفة بسرعة.

هذه الإجراءات التقنية ساعدت في تحقيق رقم قياسي باسترداد الأموال، ووفّرت حماية أكبر لدافعي الضرائب، وضمان وصول الدعم للمستحقين.

عقوبات رادعة

استخدام البطاقة الزرقاء بشكل غير قانوني يُعد جريمة يعاقب عليها القانون البريطاني، والغرامة المباشرة تصل إلى 1,000 جنيه إسترليني مع سحب البطاقة، وفي حالات التزوير الكبرى قد تمتد العقوبة إلى السجن أو الغرامات المفتوحة في المحاكم.

بعض المجالس المحلية مثل Haringey فرضت غرامات تجاوزت 2,000 جنيه إسترليني على المخالفين، في مدن أخرى، تمت مصادرة البطاقات وإجبار المخالفين على المثول أمام المحاكم.

هذه العقوبات الصارمة تستهدف ردع من يحاول استغلال النظام، وإعادة الاعتبار للبطاقات باعتبارها حقاً لذوي الإعاقة فقط.

تنسيق ووكالات متخصصة

ولمواجهة الظاهرة على نطاق واسع، أسست بريطانيا وكالة تحقيقات احتيال البطاقات الزرقاء (BBFI)، وهي هيئة تعمل مع الشرطة والمجالس المحلية للتحقيق في القضايا المعقدة.

كما فرضت الحكومة على البلديات إنشاء وحدات لمراقبة إساءة الاستخدام، إلى جانب التوعية المجتمعية لحث المواطنين على التبليغ عن أي مخالفات، إلى جانب ذلك، يجري العمل على مشروع قانون جديد يحمل اسم السلطات العامة (الاحتيال، الخطأ والاسترداد)، الذي يمنح الدولة صلاحيات أكبر لاسترداد الأموال مباشرة من حسابات من يثبت تورطهم.

الأموال المستردة في خدمة المجتمع

الحكومة أعلنت أن الأموال التي جرى استردادها ستُعاد توجيهها لدعم الخدمات العامة الأساسية مثل، المنظومة الصحية (NHS) والتعليم وتحسين البنية التحتية المدرسية.

الأمن والخدمات المحلية

الحكومة تعيد الدولة التأكيد على أن مواجهة الاحتيال لا تصب فقط في حماية المال العام، بل أيضاً في تعزيز الخدمات التي تمس حياة المواطنين يومياً.