جيسيكا سلايس ناشطة كندية تفتح قلبها لـ«جسور»: الإعاقة ليست نقيضًا للأمومة

جيسيكا سلايس ناشطة كندية تفتح قلبها لـ«جسور»: الإعاقة ليست نقيضًا للأمومة

المحرر: سماح ممدوح حسن - كندا
الناشطة الكندية جيسيكا سيلاس

من غير الإنصاف اختصار التعريف بالكتابة والناشطة الكندية، جيسيكا سلايس، على أنها مؤلفة كتاب «Unfit Parent»، الذي حطم الصورة النمطية السائدة حول أمومة ذوات الإعاقة، وبات مرجعًا في قضايا قانونية، وساهم في تعديل 3 قوانين بمقاطعة أونتاريو الكندية، تتعلق بتقييم أهلية الأمهات من ذوات الإعاقة.

حياة جيسيكا سلايس كأم، غنية بتجارب صعبة تحصل فيها على الكثير من الألم والقليل من الراحة، تمضي يومها مستلقية، لا تقف أو تمشي إلا لدقائق معدودة لأن مفاصلها قد تنخلع بسهولة، إضافة إلى مشاكل عصبية وحركية في اليدين، معاناة مستمرة مقابل صفر إخفاق، ما يمنح قصتها قواعد استثنائية ممغنطة للباحثين عن قصص الأبطال.

بيتنا لا يعترف بفكرة أن هناك جسدًا واحدًا أو طريقة بعينها للعيش

في هذا الحوار لـ«جسور» تؤكد جيسيكا أنها لم تفكر في نسخة أخرى من حياتها، فالحياة بالنسبة لها هي هذه فقط، تكشف عن تفاصيل يومها مع طفليها وزوجها، وكواليس كُتبها، وفلسفتها حول الإعاقة وأهمية إدراك العالم بالتعامل معها كشكل جمالي من أشكال الحياة.

  • إذا كان العالم يقرأ كتبكِ.. فهو بحاجة أيضًا لمشاهدة كيف تقضين يومكِ؟

أعاني من مرضين: الأول «متلازمة إهلرز دانلوس»، والثاني «اضطراب الانتصاب الوضعي»، ولذلك لا أستطيع الوقوف لأكثر من نصف دقيقة، ولا أستطيع الجلوس بشكل مستقيم لأكثر من خمس دقائق،  وأستخدم كرسيًا متحركًا، وأبقى مستلقية معظم الوقت،  كما أنني أشعر بألم دائم لا يختفي.

  • وماذا عن علاقتكِ بطفليكِ؟

لدي طفل معاق وآخر غير معاق، وأنا من ذوي الإعاقة، هذا جعل أطفالي يشعرون بأن من حقهم أن تكون احتياجاتهم مختلفة عن الآخرين، وأن ذلك أمر طبيعي، ففي بيتنا لا نعترف بفكرة أن هناك شكلاً واحدًا للجسد أو طريقة واحدة للعيش.

جيسيكا سلايس فوق كرسيها المتحرك وهي تحمل طفلتها
جيسيكا سلايس فوق كرسيها المتحرك وهي تحمل طفلتها
  • هل يعني ذلك أن الأم الطبيعية تواجه تحديات مختلفة؟

الأمهات غير المعاقات ولديهن طفل من ذوي الإعاقة يواجهن صعوبة في البداية، لأنهن يتعرفن على فكرة الإعاقة لأول مرة، ويحاولن التكيف معها، وفي الوقت نفسه يتعلمن كيفية التعامل مع طفلهن، وهذا يشكل عبئًا ثقيلًا، كما أن المجتمع لا يتقبل الإعاقة بسهولة، وهي رسالة سلبية تنعكس على الأم في بداية التجربة.

لم أفكر يومًا في نسخة أخرى من حياتي.. أحبها كما هي

  • بصراحة.. لو عاد بكِ الزمن هل كنت ستختارين أن تكوني أمًا؟

كنت سأبقى كما أنا دائمًا، الإنسانة التي كنت عليها قبل الإعاقة كانت شديدة القسوة على نفسها والآخرين، بينما الإعاقة أجبرتني على تقبل حياة أبطأ وأكثر فوضوية، لا أفكر أن هناك نسخة أخرى من حياتي لم أعشها، فالحياة بالنسبة لي هي هذه فقط وأنا أحبها كما هي.

  • كيف تتعاملين مع طفليكِ؟

بالإبداع وتلقي المساعدة، أنا بارعة في ابتكار الحلول، ولدي زوج رائع فهو أب وزوج مميز، وأعتقد أن السر يكمن في أن الآباء من ذوي الإعاقة لا يأخذون أسلوب التربية المتبع عند غير المعاقين ويحاولون تطبيقه على أجسادهم، بل يبتكرون أسلوبًا جديدًا ومختلفًا تمامًا يناسبهم.

إعاقتي ليست مأساة.. وعبارات الشفقة تجرحني

  • لاحظت أنكِ كثيرًا ما تتحدثين عن التنميط في الإعلام.. هل هذا نتيجة مواقف شخصية؟

كثيرًا ما أسمع من الناس عبارات الشفقة أو الأسف على ما آلت إليه حياتي، وكأنها فقدت قيمتها أو أصبحت مأساوية، تصور نمطي يجرحني، لأن حياتي ليست مأساة، بل هي شكل آخر له جماله وعمقه، ومع ذلك، فقد كان تفاعل الإعلام مع كتابي مدهشًا، وجدت قلوبًا مفتوحة وكلمات مليئة باللطف والاحترام، شعرت بأن صوتي مسموع وأنني أُعامَل بكرامة.

كتابي «Unfit Parent» كسر حاجز الصمت للكثير من العائلات

  • في كتابكِ «Unfit Parent» تروين كيف تحولت أمومتكِ إلى موضع مساءلة بسبب إعاقتكِ.. متى شعرت بأن إنجاز الكتاب بات ضرورة؟

كم أحببت هذا السؤال.. الأمر بدأ عندما تحدثت مع آباء وأمهات من ذوي الإعاقة، وعرفت أن وكالات رعاية الأطفال تواصلت مع معظمهم، وبعد تكرار منع الأشخاص ذوي الإعاقة من الإنجاب، كإجراء التعقيم القسري، اجتاحني شعور قوي بوجوب إعلام المزيد من الناس بهذه الحقيقة.

غلاف كتاب الناشطة والكاتبة جيسيكا سلايس
غلاف كتاب الناشطة والكاتبة جيسيكا سلايس
  • كيف وازنتِ بين السرد العاطفي والأكاديمي في صياغة فصول الكتاب؟

عندما أقرأ كتابًا، أشعر بانجذاب أكبر للسرد الشخصي مقارنة بالحقائق العامة، أعتقد أن مسار حياة شخص واحد يكون الأسهل في قراءته والانخراط فيه عاطفيًا، لكن قصتي لا تمثل الجميع، لذا أردت أن أجد طريقة للحفاظ على اهتمام القراء، مع إدراج البحث والنظرية والمقابلات لإكمال الصورة، ومع ذلك، لا يزال الكتاب غير شامل.

  • «أنا أم.. أنا معاقة ولست بحاجة لتبرير ذلك لأحد» هذه هي كلماتكِ في الكتاب.. ما الذي يعنيه هذا الإعلان اليوم؟

تلقيت رسائل من آباء وأمهات شعروا بأنهم مرئيون بعد قراءة الكتاب، لا شيء أكثر إرضاءً من ذلك، نادرًا ما نُعرض في وسائل الإعلام، وكأن كونك والدًا أو والدة من ذوي الإعاقة أمر مستحيل أو نادر، أعتقد أن هذا مثال رائع يوضح لماذا تمثيلنا مهم، فأنت تشعر بالوحدة عندما لا ترى أبدًا أشخاصًا يشبهونك.

  • في كتابكِ «This Is How We Play» تقدمين مشاهد حية للعب الأطفال المعاقين، كما لو كنتِ تقولين للقارئ «هذا اللعب أيضًا طبيعي ومبهج» من أين  جاءتكِ الفكرة؟

كانت كارولين شريكتي في تأليف الكتاب، وهي أيضًا والدة من ذوي الإعاقة، تسألني عن كتب تتحدث عن آباء وأمهات من ذوي الإعاقة، ولم أتمكن من العثور على أي منها، لذا قررنا الكتابة، أردنا أن تحتفل العائلات بتنوع الأجساد، والإدماج الحقيقي يتجاوز مجرد القبول، إنه احتضان لفكرة أن التنوع مهم.

وهم الندرة سببه عدم رؤية ذوي الإعاقة في الأفلام والكتب والمناصب

  • تستخدمين الكرسي المتحرك كجزء من المغامرة، والطرف الصناعي في القفز، كيف توازنين بين الواقعية والاحتفاء؟

كل صفحة في الكتاب تستند إلى مقابلة شخصية، لذا فالكتاب واقعي جدًا، وحسب تجربتي، الكرسي جزء من المغامرات مع عائلتي، وليس عائقًا، غالبًا ما يعامل المجتمع الأجهزة التعويضية كدليل على المأساة، فأردنا أن نُظهر أنه في الحياة الواقعية الأمر أكثر بكثير من ذلك.

  • هل فكرتِ في أن يكون الكتاب بداية لسلسلة تتحدث عن الحياة اليومية من وجهة نظر الأطفال ذوي الإعاقة؟

نعم، لقد أصدرنا مؤخرًا كتاب «هكذا نتحدث» وأردنا أن يكون للكتاب تأثير على البالغين أيضًا، غالبًا ما يستوعب المعلمون والآباء رسالة مفادها أن الإعاقة أمر سلبي، وأردنا أن نمنح فرصة للجميع للتفكير في أن الاختلاف لا يعني الأسوأ.

  • كيف نُعيد سرد قصص ذوي الإعاقة دون الوقوع في فخ الاستعطاف أو البطولة الزائفة؟

عندما نرى شخصًا ما كبطل أو مصدر إلهام أو نشعر بالشفقة تجاهه، فإننا نعزل أنفسنا عنه، بينما معرفة تفاصيل حياة شخص آخر غالبًا ما تقربنا منه، نحتاج إلى رؤية الآباء والأمهات من ذوي الإعاقة في الأفلام والكتب ومناصب السلطة، نحتاج إلى أطباء ومعالجين من ذوي الإعاقة، والمزيد من الأماكن المتاحة لذوي الكراسي المتحركة، فالإقصاء يخلق وهم الندرة.

الناشطة الكندية جيسيكا سيلاس
جيسيكا سلايس حولت الإعاقة إلى تجربة إنسانية فريدة

 مذكراتي هي عملي القادم

  • في كتابكِ «Dateable» تتحدثين عن العلاقات المؤذية، فهل تعتقدين أن نقص العلاقات العاطفية للمعاقات يصور بعض العلاقات السامة وكأنها فرصة؟

يسمع ذوو الإعاقة كثيرًا عبارة أننا محظوظون إذا وجدنا شخصًا يرغب في مواعدتنا أو الزواج منا، فكيف يُتوقع منك أن تطالب بمعاملة جيدة؟..  تقريبًا كل شخص التقيته لإجراء مقابلات لكتاب «قابل للمواعدة» تعرض لسوء معاملة بطريقة ما.

  • ما مشروعكِ المقبل؟

أعمل على كتابة «مذكرات» عن تجربتي في التحول إلى شخص من ذوي الإعاقة، أريد أن أستكشف مدى قبول جسدي الجديد.

المقالة السابقة
كن عيني.. تطبيق حول الهواتف الذكية إلى شبكة عالمية لمساعدة المكفوفين
المقالة التالية
بسبب مرض السكري.. مليون شخص أصيبوا بالعمى و«بتر ساق» كل نصف دقيقة 

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (4) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)