طالب حقوقيون ونشطاء في أستراليا بضرورة تغيير طريقة النظر إلى ذوي الإعاقة، من التركيز على إصلاح الفرد وإزالة الحواجز التي يفرضها المجتمع، هذه الرؤية التي تعرف بـ”النموذج الاجتماعي للإعاقة” باتت تكتسب زخمًا متزايدًا بين النشطاء والأكاديميين والأشخاص ذوي الإعاقة.
وتكشف قصة نيك بارسونز الشاب الكفيف الذي تخرج في كلية الحقوق عام 2014 عمق المشكلة، فرغم مهاراته، عجز عن استخدام نظام إدارة الملفات في جهة عمله الحكومية لعدم توافقه مع تقنيات قراءة الشاشة، مما اضطره لترك الوظيفة.
لاحقًا طور بارسونز بنفسه نظامًا رقميًا مهيأً لخدمة مؤسسة صغيرة انضم إليها، فالإعاقة الحقيقية بالنسبة له لم تكن فقدان البصر بل القيود التقنية والبيروقراطية التي لم تراعِ احتياجاته.
أما جيريمي موير الذي يستخدم كرسيًا متحركًا منذ أكثر من أربعة عقود ويترأس منظمة الإعاقة الجسدية الأسترالية، فيحكي عن انتقاله لمكتب جديد يفتقر لأبسط معايير الإتاحة ما اضطره لاستخدام مبانٍ أخرى لقضاء حاجته، استغرقت عملية التهيئة عامًا كاملًا وهو ما رآه انعكاسًا لغياب التخطيط المسبق لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة.

وأيضا ترى آن كافاناه أستاذة بجامعة ملبورن، أن المجتمع الأسترالي “طَبَّب الإعاقة بشكل مفرط” أي تعامل معها كخلل فردي يجب إصلاحه بدل النظر إليها كقضية اجتماعية تتطلب تغيير البنية التحتية والمواقف العامة. وتضيف أن التقدم المحقق في العقود الأخيرة، من محطات القطار إلى دورات المياه المهيأة، لا يلغي الحاجة لمزيد من الإرادة السياسية والتمويل.
ومع انتشار النموذج الحقوقي أيضًا، يطالب المدافعون بأن تُعامل الإعاقة كجزء طبيعي من التنوع الإنساني لا كمأساة أو “قوة خارقة” وأن يُصمَّم المجتمع منذ البداية ليشمل الجميع مما يمنح الأشخاص إحساسًا بالانتماء وحقًا مساويًا في المشاركة.