دواء التصلب اللويحي يتحول إلى علاج ثوري يشفى الكسور

دواء التصلب اللويحي يتحول إلى علاج ثوري يشفى الكسور

المحرر: محمود الغول - مصر
التصلب اللويحي يؤدي بصورة غير مباشرة إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور

في تطور علمي جديد، قد يغير مسار علاج الكسور حول العالم، أعلن فريق من الباحثين في جامعة أريزونا الأمريكية عن اكتشاف أن أحد الأدوية المخصصة لعلاج التصلب اللويحي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تسريع إلتئام العظام.

الاكتشاف الجديد الذي نُشرت تفاصيله في مجلة The Journal of Bone and Joint Surgery، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في بروتوكولات علاج الكسور، خصوصًا أنه يعتمد على دواء موجود بالفعل ومعتمد للاستخدام الطبي.

القصة بدأت عندما شرع العلماء في دراسة تأثير دواء 4-أمينوبيريدين (4-AP)، وهو دواء يُستخدم بالأساس لتحسين القدرة على المشي لدى مرضى الاضطرابات العصبية وعلى رأسها التصلب اللويحي، ولم يكن الهدف الأساسي من البحث مرتبطًا بالعظام، لكن النتائج فاجأت الفريق العلمي،  فالفئران التي خضعت لعلاج بالدواء أظهرت تعافيًا أسرع بكثير من الكسور مقارنة بنظيراتها، ليس هذا فحسب، بل تبيّن أن عظامها أصبحت أقوى وأكثر صلابة، مع إنتاج أوضح للأنسجة العظمية الجديدة.

ويكمن سر الدواء – بحسب الباحثين – في قدرته على تحفيز إنتاج بروتين BMP2، وهو عنصر رئيسي في تكوين الخلايا البانية للعظم، تلك التي تعيد بناء العظام المكسورة وتساهم في تعزيز تمعدنها وإنتاج الكولاجين. هذا يعني أن تأثير الدواء لا يتوقف عند تسريع التئام الكسور، بل يمتد ليجعل العظام نفسها أكثر مقاومة للإجهاد والضغط.

 دواء 4-أمينوبيريدين (4-AP)
دواء 4-أمينوبيريدين (4-AP)

ولم يكتفِ الفريق بتجارب الحيوانات، بل وسع نطاق البحث ليشمل الخلايا البشرية، فبعد حقن الخلايا الجذعية البشرية بالدواء، لاحظ العلماء أنها تحولت بسرعة إلى خلايا عظمية، وهو ما يشير إلى إمكانية استخدام التقنية مستقبلًا لتسريع شفاء الكسور لدى المرضى.

علاقة التصلب اللويحي بالعظام

للوهلة الأولى قد يتساءل البعض: ما العلاقة بين مرض عصبي مثل التصلب اللويحي وبين صحة العظام؟الجواب يكمن في أن التصلب اللويحي لا يؤثر فقط على الجهاز العصبي، بل يؤدي بصورة غير مباشرة إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور. تشير الدراسات إلى أن نحو نصف مرضى التصلب اللويحي يعانون بالفعل من انخفاض كثافة العظام، وذلك نتيجة عدة عوامل معقدة مثل ضعف الحركة بسبب أعراض المرض، نقص فيتامين د الذي يرتبط بالمرض ويضعف امتصاص الكالسيوم، إضافةً إلى التأثيرات الجانبية لبعض العلاجات مثل الكورتيكوستيرويدات التي قد تسبب هشاشة واضحة في العظام عند استخدامها بشكل متكرر.

هذه الحقيقة تجعل من الاكتشاف الجديد أكثر أهمية، إذ يمكن أن يفتح نافذة أمل مزدوجة: ليس فقط في تعزيز شفاء الكسور لدى عامة الناس، بل أيضًا في مواجهة أحد أخطر المضاعفات التي يواجهها مرضى التصلب اللويحي أنفسهم.

التصلب اللويحي يؤدي بصورة غير مباشرة إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور
التصلب اللويحي يؤدي بصورة غير مباشرة إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور

كيف يمكن أن يغير هذا الاكتشاف المستقبل؟
من الناحية العملية، يمثل دواء 4-أمينوبيريدين حالة استثنائية في الأبحاث الطبية فهو دواء متاح ومعتمد بالفعل، ما يعني أن نقله من المختبر إلى العيادات قد يكون أسرع بكثير مقارنة بالأدوية الجديدة التي تحتاج سنوات طويلة من التجارب السريرية والتراخيص، فإذا أثبتت الدراسات الإكلينيكية على البشر فاعليته في التئام العظام كما أظهرت التجارب المخبرية، فقد نكون أمام تحول جذري في علاج الكسور، خاصة عند كبار السن ومرضى هشاشة العظام.

يرى الأطباء أن الأمر يتجاوز حدود دواء واحد بل هو مؤشر على مرحلة جديدة من الطب التكاملي الذي يربط بين الأمراض المختلفة ويبحث في الاستفادة من أدوية طُوّرت لغايات معينة لعلاج أمراض أخرى. وإذا نجحت التجارب الموسعة على البشر، فقد يصبح 4-أمينوبيريدين جزءًا أساسيًا من بروتوكولات علاج العظام، وربما نرى في المستقبل استخدامه كإجراء وقائي لدى الفئات الأكثر عرضة للكسور.

ورغم الحماس الكبير، يشير الباحثون إلى ضرورة التعامل مع النتائج بحذر، فحتى الآن ما زالت الدراسات مقتصرة على الحيوانات وبعض التجارب الأولية على الخلايا البشرية، والانتقال إلى الاستخدام الواسع يتطلب تجارب سريرية مكثفة لإثبات الفعالية والأمان على نطاق أكبر. ومع ذلك، فإن وجود دواء معتمد بالفعل يمنح هذه الأبحاث ميزة كبيرة قد تختصر الزمن اللازم لدخوله إلى الممارسة الطبية.

المقالة السابقة
ورشة تدريبية لتعزيز دمج وتمكين ذوي الإعاقة باللاذقية
المقالة التالية
ذهب وفضة وبرونز.. نادي ذوي الإعاقة يسيطر على منصات « البوتشيا» في الرياض

وسوم

أصحاب الهمم (45) أمثال الحويلة (390) إعلان عمان برلين (393) اتفاقية الإعاقة (536) الإعاقة (95) الاستدامة (843) التحالف الدولي للإعاقة (819) التشريعات الوطنية (638) التعاون العربي (413) التعليم (50) التعليم الدامج (43) التمكين الاقتصادي (60) التنمية الاجتماعية (841) التنمية المستدامة. (56) التوظيف (42) التوظيف الدامج (699) الدمج الاجتماعي (611) الدمج المجتمعي (124) الذكاء الاصطناعي (64) العدالة الاجتماعية (55) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (413) الكويت (64) المجتمع المدني (832) الولايات المتحدة (49) تكافؤ الفرص (831) تمكين (60) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (501) حقوق الإنسان (60) حقوق ذوي الإعاقة (74) دليل الكويت للإعاقة 2025 (367) ذوو الإعاقة (114) ذوو الاحتياجات الخاصة. (804) ذوي الإعاقة (379) ذوي الهمم (44) ريادة الأعمال (381) سياسات الدمج (817) شركاء لتوظيفهم (375) قمة الدوحة 2025 (465) كود البناء (370) لغة الإشارة (43) مؤتمر الأمم المتحدة (329) مجتمع شامل (824) مدرب لغة الإشارة (578) مصر (37) منظمة الصحة العالمية (598)