جسور- وكالات – فاطمة الزهراء بدوي
أطلقت منظمة TomoWork السنغافورية، بالتعاون مع جامعة Republic Polytechnic، حملة وطنية موسعة تحت عنوان “نراك بوضوح”، تهدف إلى التوعية بالإعاقات غير الظاهرة، ودعم أصحابها على مستوى السياسات والوعي المجتمعي، في خطوة متقدمة نحو بناء مجتمع أكثر شمولًا،
جاء الإعلان عن الحملة خلال فعالية “Tomo Day 2025” التي أُقيمت أمس، 12 يونيو، بمقر الجامعة، بمشاركة واسعة من مؤسسات تعليمية، وشركات تقنية، وأفراد من المجتمع المدني، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين.
ما هي الإعاقات غير الظاهرة؟
تشمل الإعاقات غير الظاهرة (Invisible Disabilities) حالات مثل التوحد، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، عسر القراءة، الاضطرابات النفسية المزمنة، ومتلازمات الألم والتعب المزمنين. ورغم أنها لا تظهر جسديًا، إلا أن أصحابها يواجهون تحديات كبيرة في بيئة العمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي.
وتسعى الحملة إلى إزالة الوصم المرتبط بهذه الحالات، وتعزيز تفهم المجتمع لمفهوم “الإعاقة غير المرئية”، بما يسمح بإعادة تصميم السياسات لتراعي احتياجات هؤلاء الأفراد دون أن يُطلب منهم إثبات معاناتهم.
إطلاق الحملة.. منصة للتغيير
تحدثت السيدة شيري تان، مديرة برنامج TomoWork، خلال الافتتاح قائلة: “الهدف من هذه الحملة هو إعادة تعريف مفهوم الشمول.. كثير من الناس يعانون في صمت، ونريد أن نقول لهم: نحن نراكم، ونفهمكم، ونقف معكم”.
وأشارت إلى أن الحملة تستمر على مدار عام، وتشمل أنشطة ميدانية، وورش توعوية في المدارس والجامعات، وبرامج تدريبية لأرباب العمل، فضلًا عن دعم السياسات الحكومية لتوفير بيئات تعليمية ومهنية مرنة.
كما تم خلال الفعالية عرض عدد من القصص الشخصية لأشخاص يعانون من إعاقات غير ظاهرة، تحدثوا فيها عن التحديات اليومية التي يواجهونها، بما في ذلك نظرات الشك، وضعف الفهم الاجتماعي لحالاتهم، وافتقار الأنظمة إلى المرونة الكافية.
إشراك القطاع الخاص.. خطوة حاسمة
في تطور لافت، أعلنت الحملة عن شراكة مع أكثر من 30 شركة، من بينها مؤسسات كبرى في مجالات التقنية والتمويل والتعليم، حيث وقّعت على “ميثاق الإدماج المرن”، الذي يتضمن التزامًا بتوفير بيئات عمل تراعي الفروق الفردية في القدرات، وتوفر دعمًا نفسيًا وتكنولوجيًا لمن يعانون من إعاقات غير مرئية.
وتعهدت الشركات بتبني سياسات توظيف مرنة، وإنشاء مساحات استراحة حسية، وتدريب الموظفين على التفاعل مع الزملاء أصحاب الحالات الخاصة بطريقة إنسانية وغير تمييزية.
التكنولوجيا كأداة للدمج
تحت شعار “الحلول تبدأ بالفهم”، كشفت الحملة عن خطط لتطوير تطبيق ذكي يسمح للأشخاص ذوي الإعاقات غير الظاهرة بإعداد ملفات احتياجاتهم الخاصة Confidential Support Profile، ليتمكنوا من مشاركتها مع المؤسسات التعليمية أو أصحاب العمل دون كشف تفاصيلهم الصحية علنًا.
كما ستُطلق منصة تعليمية رقمية باسم “مركز الوعي الهادئ” (Quiet Awareness Hub)، تقدم محتوى تدريبيًا تفاعليًا حول فهم الطيف العصبي، وإدارة المواقف مع الطلاب أو الموظفين الذين يحتاجون دعمًا خاصًا.
نظرة مستقبلية
بحسب تقارير حكومية، فإن نحو 10% من سكان سنغافورة قد يعانون من أحد أشكال الإعاقة غير الظاهرة، إلا أن أقل من نصفهم فقط يسجلون رسميًا ضمن فئة ذوي الإعاقة، نظرًا للوصمة الاجتماعية أو غياب أدوات التقييم. ما يجعل هذه الحملة خطوة جريئة نحو خلق بيئة أكثر تفهمًا واحتواءً.
صرّح البروفسور إيرني ليم من قسم الصحة النفسية بالجامعة: “ما يحدث اليوم هو لحظة تحول.. إدماج ذوي الإعاقة بات مسألة إدراك وفهم وتقدير للتنوع العقلي والعصبي”.
ردود فعل إيجابية
لاقى الحدث صدى واسعًا على مواقع التواصل، حيث تفاعل مستخدمون مع وسم #نراك_بوضوح، وشاركت العديد من العائلات تجاربها الشخصية مع التحديات التي تواجه أطفالها، مطالبة بتعميم مثل هذه المبادرات على المدارس والمؤسسات الحكومية.