Skip to content

سيناريو الكارثة.. من ينقذ ذوي الإعاقة لو حدث زلزال أو عاصفة رعدية

سيناريو الكارثة.. من ينقذ ذوي الإعاقة لو حدث زلزال أو عاصفة رعدية

المحرر: سماح ممدوح حسن

تخيّل للحظة أن تضرب مدينتك فيضانات جارفة بشكل فجائي، أو تنقطع الكهرباء تماما عن دولة بأكلمها، كما حدث مؤخرًا في إسبانيا والبرتغال.

في مثل تلك اللحظات، يهرول الجميع بحثا عن مأوى آمن، لكن ماذا لو كنت غير قادر على الحركة بسبب إعاقة جسدية؟ ماذا لو لم تتمكن من سماع صافرات الإنذار لأنك من الصم؟ أو فقدت الاتصال بذويك لأنك كفيف، ولم يعد هناك من يدلك على الطريق؟ أو حتى لم تستطع تشغيل مصدر الطاقة البديل الذي يغذي جهاز التنفس الخاص بك.

في عالمنا العربي تهب في شهور الصيف موجات حرّ غير مسبوقة، وتهطل الأمطار بغزارة في مناطق لطالما كانت جافة، وتزداد العواصف الترابية في مناطق أخرى، نادرًا ما يُسلَّط الضوء على مصير ذوي الإعاقة، ويندر الحديث عن خطط إجلاء أو إنقاذ الأفراد من الإعاقة.

تقارير الأمم المتحدة حذرت من أن الأشخاص ذوي الإعاقة أكثر عرضة للخطر بأربعة أضعاف أثناء الكوارث المناخية، ورغم ذلك ما تزال خطط التكيّف مع التغير المناخي في منطقتنا تُغفل هذه الفئة المهمشة؟

لماذا يتأثر ذوي الإعاقة أكثر من غيرهم؟

الإعاقات متنوعة ومتباينة؛ جسدية، عقلية، حسية أو عصبية، وبالتالي، تختلف طبيعة استجابتهم للكوارث، فمثلًا، إن لم تُقدَّم التحذيرات المناخية بلغة الإشارة عبر وسائل الإعلام، فلن تصل إلى الصم وضعاف السمع، وإذا لم تُوفَّر هذه التحذيرات عبر وسائل مسموعة، فلن تصل إلى فاقدي البصر.

يضاف إلى ذلك، أن ضعف البنية التحتية في العديد من الدول النامية، وغياب التخطيط الشامل لمراعاة احتياجات ذوي الإعاقة، يزيد من معاناتهم، فكثير من مساكنهم لا تتضمن مخارج طوارئ مناسبة للكراسي المتحركة، ولا توجد وسائل نقل مخصصة لهم أثناء الإخلاء، كما أن انقطاع الكهرباء قد يعني توقف أجهزة حيوية يستخدمها بعضهم كأجهزة التنفس، وغالبًا ما تُعزل هذه الفئة تمامًا عند انقطاع الشبكات الخدمية والمجتمعية، فيجدون أنفسهم في مواجهة الكارثة بلا أي دعم أو مساعدة، بينما يتمكن الآخرون من الركض لأماكن آمنة.

في باكستان مثلًا، خلال فيضانات عام 2022، أشارت تقارير إلى أن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة تُركوا أثناء الإخلاء، لعدم وجود تجهيزات تناسبهم، وفي أعقاب إعصار كاترينا في الولايات المتحدة، تبيّن أن خطط الطوارئ لم تأخذ بعين الاعتبار احتياجات ذوي الإعاقات السمعية أو الحركية، مما أدى إلى عزلهم فعليًا عن جهود الإغاثة، وكذلك أثناء حرائق الغابات فى استراليا.

إدماج ذوي الإعاقة فى السياسات المناخية هو الحل

التخطيط للمستقبل المناخي لا يمكن أن يكون فعالًا دون إشراك جميع فئات المجتمع، وخاصة ذوي الإعاقة، ومن أبرز الحلول التى ربما تتغلب على هذه المعضلة أو حتى تضمن أقل الخسائر فى أوساط ذوي الإعاقة، يمكن تلخيصها في عدة نقاط، وهى كالتالي:

  • تصميم خطط استجابة شاملة للكوارث تراعي التنوع في القدرات والاحتياجات.
  • تنظيم تدريبات دورية بمشاركة ذوي الإعاقة لاختبار فعالية خطط الإخلاء، وهو عنصر مهم لكل الأطراف، ذوي الهمم، والمسعفون، والعائلات، إذ يتيح لهم الاستعداد والتنسيق الجيد، فهذه التدريبات تقلل مخاوف ذوي الإعاقة عند الكارثة خاصة عندما يتأكدون أنهم قادرين على انقاذ أنفسهم.
  • تدريب المسعفين على التعامل مع ذوي الهمم كدفع الكرسي المتحرك من منحدر أو توجيه مكفوف أثناء التدافع، أو إرشاد أصم بلغة الإشارة، وكذلك اختبار المرافق المخصصة لذوي الهمم كمسارات الكراسي المتحركة والسُلم المخصص لهذه الكراسي للنزول من الأدوار المرتفعة، للتأكد من جهوزيتها.
  • توفير المعلومات المناخية بصيغ متعددة، لغة الإشارة، الصوت، والرموز البصرية، استخدام التطبيقات الذكية أو الأجهزة القابلة للارتداء، وهو الأمر الذى يسهل الوصول إليه خاصة فى عصر الثورة التكنولوجيا التى نعيشها، فمثلا يسهل على مراكز الأرصاد بث التحذيرات صوتيا، وإرسال اشعارات لهواتف ذوي الإعاقة، تُقرء لهم فور وصولها وبالتأكيد، أيضا تستطيع الجهات المعنية إرسال اشعارات بالمعلومات الكاملة لهؤلاء الأشخاص قبل وقوع الكارثة بوقت كافي، ليتوجهوا إلى أماكن بعينها تكون ملاجئ مجهزة لهؤلاء بشكل خاص، وبالفعل نجحت بعض الدول فى هذا الشأن، ومنها دولة الإمارات العربية التى تعتمد نظام”الإنذار المبكر” حيث تستخدم الرسائل النصية والصوتية، كذلك اليابان التى صممت مسارات هروب مقاومة للزلازل مزودة بأسطح غير انزلاقية وإرشادات صوتية.

أيضا تشرع المملكة الأردنية الهاشمية بتنفيذ مبادرة”مدن شاملة”، والتى صممت بمساهمة مباشرة من ذوي الإعاقة، وتركز المبادرة على تطوير المدن بحيث تكون قادرة على التكيف مع التحديات البيئية، فمثلا توفير إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن المسارات الجديدة للحافلات السريعة، وتوفير إشارات مرورية مزودة بنظام تنبيه صوتي يمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من العبور الآمن من التقاطعات المرورية الرئيسة في العاصمة، وذلك لتسهيل حركة انتقال الأشخاص من ذوي الإعاقة، وأيضا وضع مؤشرات أرضية ملموسة ليستخدمها المكفوفين.

–   تمكين ذوي الإعاقة من المشاركة في وضع السياسات البيئية، لضمان تمثيلهم الفعلي في القرارات المصيرية، بالتأكيد يستطيع الدارسين والمتخصصين وواضعي السياسات تنفيذ ووضع الاجراءات التى تضمن سلامة ذوي الإعاقة، لكن من المهم أيضا أن يشارك هؤلاء أنفسهم فى التخطيط والتنفيذ، فهم من وُضعوا فى مواقف كثيرة عايشوا فيها الأزمة ويستطعوا أكثر من غيرهم رؤية ما هو أصلح لحالتهم، فهم قادرين مثلا على توجيه فرق الانقاذ بكيفية التعامل مع إعاقات معينة لم يتدرب عليها المسعفون.

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بلغ قرابة مليار شخص حتى عام 2015، يعيش حوالي 80% منهم في الدول النامية والفقيرة، ما يجعلهم من أكثر الفئات هشاشة في مواجهة التغيرات المناخية.

وفقًا لمجلة Health Affairs  المتخصصة في الصحة العالمية، فإن هذه الفئة ليست فقط أكثر عرضة للخطر، بل تعاني من صعوبات في الوصول إلى المعلومات، والدعم، والخدمات في الأزمات المناخية، مما يفاقم من وضعهم.

المقالة السابقة
الذكاء الاصطناعي يُمكن ذوي الإعاقة من قيادة السيارة بإشارات الدماغ
المقالة التالية
الإمارات تطلق برنامجًا رياضيًا صيفيًا شاملاً لذوي الإعاقة في أبوظبي