في كتابه الجديد «صامتون لا أكثر: تعزيز الكفاح من أجل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» يستعرض المؤلف الأمريكي روبرت ستاك التأثيرات المستمرة لإيداع الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات.
يقول ستاك في كتابه إن كل ما يقوله حول التاريخ المأساوي لوضع الأمريكيين ذوي الإعاقة في مؤسسات مثل دور الرعاية والمرافق الجماعية الكبيرة صحيح. ويكتب: «المؤسسات هي المكان الذي تموت فيه كرامة الاختيار والحرية لدى الناس»
ويستكشف ستاك الجذور التاريخية لموقف ما زال سائداً منذ قرون والذي استُخدم لتبرير هذا الفصل القاسي، وما زال يقلل من قيمة الأشخاص ذوي الإعاقة حتى اليوم.
لعب ستاك دورًا في الحركة التي يقودها الأشخاص ذوي الإعاقة ومن أجلهم لتجاوز هذه الحقيقة، من خلال تأسيس منظمة Community Options غير الربحية للإسكان والعمل، على مائدة مطبخه في عام 1989. ووفقًا لموقع المنظمة، فإنها تخدم الآن آلاف الأشخاص ذوي الإعاقة في اثنتي عشرة ولاية أمريكية.
يروي ستاك فى كتابه الجديد صامتون لا أكثر، كيف أن المنظمة قامت لعقود ببناء أو تجديد منازل صغيرة متوارية في أحياء أمريكية عادية لتعمل كمنازل جماعية لا يزيد عدد سكانها عن أربعة أشخاص ذوي إعاقة لكل منزل.
كثير من هؤلاء السكان كانوا يعيشون سابقًا في نوعية المؤسسات الكبيرة الباردة والبعيدة التي كان ستاك ينتقدها. ويكتب أن مهمة المنظمة لتحريرهم من قبضة هذه المؤسسات الأبوية تعرقلت بسبب جُبن سياسي من رفض مواجهة الوضع القائم، ووجهات نظر بعض الآباء والأوصياء الذين اعتقدوا أن المؤسسات هي الأفضل لأبنائهم من ذوي الإعاقة، إضافة إلى مقاومة المجتمع المحلي لفكرة وجود مثل هذه المنازل. فهم يرفضون أن تكون هذه المنازل في حيهم أو بالقرب من منازلهم خوفًا من تأثيرات محتملة على حياتهم اليومية أو على قيمة ممتلكاتهم أو بسبب الأحكام المسبقة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتقول رسالة المنظمةCommunity Options « المنظمة تؤمن بكرامة كل شخص وبحرية كل إنسان لتجربة أعلى درجات تحديد الذات». ويضيف ستاك في الكتاب«لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة منذ وقت طويل. آمل أن أتمكن من القيام بدوري الصغير لعكس هذا الاتجاه»
ومن المهم ملاحظة أن الحلول التي يقترحها ستاك قد لا تناسب الجميع. إذ يوضح أحد الأشخاص من ذوي الإعاقة في مراجعة الكتاب أنه بالرغم من أنه يستخدم كرسيًا متحركًا طوال اليوم ويحتاج لمساعدة يومية في أمور أساسية، إلا أنه يتمتع بحرية كاملة في اختيار من يقدم له هذه المساعدة وتنظيم جدوله والإشراف على فريقه الخاص، وهو ما يمنحه شعورًا بالتحكم في حياته اليومية، وهو ما قد لا يتوفر في المنزل الجماعي الذي تقدمه المنظمة.
ويشير ستاك إلى أن كل شخص لديه قدرات كامنة وتحقيق هذه القدرات يعتمد على مستوى الدعم الذي يحتاجه ويتلقاه. ويضيف«نحن كمجتمع بحاجة للاعتراف بقيمة الإنسانية، كل الإنسانية»
يعد كتاب Silent No Longer سردًا مباشرًا عن مدى التقدم الذي حققته الحركة الرامية لإلغاء مؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة، وما زال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به.
الكاتب روبرت ستاك هو قائد وطني أمريكي في تعزيز حياة الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والتطورية. يُعدّ أيضا رائدًا في تشجيع السكن المجتمعي وبرامج التدريب المهني ومدافعا قويًا ضد الممارسات المؤسسية القديمة.
بدأ مسيرته كموظف حكومي شاب في عام 1980، حيث قاد جهود إغلاق المؤسسات الكبيرة ونقل الأفراد إلى بيئات مجتمعية، قبل أن تُرسّخ هذه التغييرات رسميًا من خلال قانون الأمريكيين ذوي الإعاقة وقرار أولمستيد. في عام 1989، أسس منظمة Community Options لتوفير فرص سكن لائقة وفرص عمل للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تخدم الآن أكثر من 5000 شخص في 12 ولاية أمريكية.
وبصفته رئيسًا ومديرًا تنفيذيًا لمنظمة Community Options، استمر روبرت ستاك في الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على المستويين الوطني والدولي، من خلال تسليط الضوء على التحديات والقضايا الحرجة التي تواجههم. شمل ذلك الاهتمام بالتأثيرات غير المتناسبة لوباء كوفيد-19 على الأشخاص الذين يعيشون في المؤسسات، حيث واجه هؤلاء الأفراد مخاطر صحية واجتماعية أكبر بسبب ظروف الإقامة المؤسسية. كما عمل ستاك على التواصل والتنسيق مع الهيئات الحكومية الرئيسية لتطوير سياسات وإصلاحات ملموسة تهدف إلى تحسين نوعية الحياة، وتوسيع فرص السكن المستقل والعمل والدمج المجتمعي للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يعكس جهوده المستمرة لضمان كرامتهم وتحقيق استقلاليتهم ضمن المجتمع.