صحة الرجال هي الهدف الأساسي لشهر نوفمبر من كل عام. هذا الشهر يدعو لكسر جدار الصمت المحيط بقضايا صحة الرجال الجسدية والنفسية. تاريخيا ركزت حملات نوفمبر على سرطان البروستاتا والخصية والكشف المبكر.
لكن جوهر رسالة نوفمبر يتجاوز هذه الأمراض. إنه دعوة لمواجهة التحدي الأكبر: ميل الرجال المتأصل لإهمال صحتهم. إن هذا الإهمال يفتح الباب أمام أمراض تنتهي حتما بإعاقة مستديمة.
صحة الرجال ومفارقة نوفمبر في الإعاقة
صحة الرجال تواجه تهديدا مختلفا وأكثر انتشارا من السرطان. ففقا لدراسة طبية حديثة شاركت فيها منظمة الصحة العالمية، أصبحت أمراض الأعصاب الآن السبب الرئيسي لاعتلال الصحة والإعاقة عالميا.
أما الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه الدراسة أوضحت أن أمراض الأعصاب «تتسبب في الإعاقة وفقدان الصحة لدى الرجال أكثر من النساء».
عند تحليل قائمة أهم عشرة أمراض عصبية أدت إلى فقدان الصحة في عام 2021. لذلك نجد أن التهديدات الأكبر للإعاقة الدائمة، مثل السكتة الدماغية، تأتي في الصدارة. حسب منظمة الصحة العالمية. هذا يمثل «مفارقة نوفمبر».
فبينما يركز الرجال على تجنب السرطان، فإن التهديدات الأكبر للإعاقة، مثل السكتة الدماغية والاعتلال العصبي السكري، ترتبط ارتباطا وثيقا بنمط الحياة. لذلك يجب استخدام روح نوفمبر للتوعية بالتجنب الاستباقي لمخاطر نمط الحياة.
طالع: علاج جديد يقتل الخلايا السرطانية.. ضوء LED قريب من الأشعة تحت الحمراء
يجب التوقف عن وصف التدخين بأنه «عادة سيئة» والبدء في التعامل معه كـ «عملية تدمير كيميائية» يومية للجهاز الدوري. وذلك لأن المواد الكيميائية في التبغ تبدأ هجوما متعدد الجبهات. فأول أكسيد الكربون يخفض كمية الأكسجين المنقولة في الدم. النيكوتين يسرع دقات القلب ويرفع ضغط الدم. إن التدخين يخفض مستويات الكوليسترول «الجيد» ويرفع مستويات الكوليسترول «الضار».
النتيجة الحتمية لهذه العملية اليومية هي «تصلب الشرايين»، مما يزيد بشكل هائل من خطر تكون الجلطات الدموية.
عندما تنطلق إحدى هذه الجلطات وتستقر في شريان يغذي الدماغ، تكون النتيجة هي السكتة الدماغية. إن ضرر استهلاك الكحول مدمر صامت للقلب والأوعية الدموية. الكحول يرفع ضغط الدم، مما يؤدي إلى إضعاف جدران الأوعية.
كما يرتبط الإفراط في استهلاك الكحول ب الرجفان الأذيني، وهو اضطراب خطير في نظم القلب يشجع على تكوين جلطات دموية. عندما يتم الجمع بين التدخين والكحول، فإن المخاطر تكون مضاعفة. يخلق الرجل الذي يدخن ويشرب بكثرة «عاصفة كاملة» للإعاقة.

صحة الرجال والسكري البطيء
يعد نمط الحياة الخامل عاملا رئيسيا يساهم بشكل مباشر في السمنة وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري.
الخمول ليس محايدا؛ إنه عملية مرضية نشطة لتقليل حساسية الأنسولين. إن الخمول يجعل العضلات «مقاومة» لنصائح الأنسولين. الخمول هو الخطوة الأولى المباشرة نحو السكري من النوع الثاني.
يجب إعادة تأطير مرض السكري في أذهان الرجال: إنه ليس مجرد «مرض ارتفاع السكر»، بل هو «المرض الأكبر المسبب للإعاقة».
فإن ارتفاع نسبة السكر في الدم لفترات طويلة يبدأ في تدمير الأوعية الدموية الصغيرة والأعصاب. هذا يؤدي إلى هجوم ثلاثي على استقلالية الرجل. يتنثل في اعتلال الأعصاب الذي يزيد خطر بتر الأطراف بمعدل يصل إلى 20 مرة، واعتلال الشبكية الذي يؤدي إلى العمى الدائم، واعتلال الكلية الذي ينتهي حتما بالفشل الكلوي. النصيحة بـ «تجنب السكر» ليست نصيحة تجميلية، بل هي استراتيجية حيوية لتجنب البتر والعمى وغسيل الكلى.
خطر إهمال الصحة النفسية
غالبا ما يركز الرجال على اللياقة البدنية، ويهملون تماما صحة الرجال النفسية. إن الحقيقة هي أن هناك «رابط قوي بين الصحة النفسية والصحة الجسدية»،
ويؤثر كل منهما بشكل عميق على الآخر. هذا هو التحليل الذي يجب على كل رجل استيعابه: التوتر ليس مجرد «شعور في رأسك»، إنه عملية بيولوجية جسدية يمكن أن تسبب إعاقة.
وفقا لدراسة من جامعة هارفارد، فإن التوتر المزمن يسبب نشاطا عاليا في «اللوزة الدماغية». إذ أنها ترسل إشارات استغاثة إلى «نخاع العظم»، الذي يستجيب ب «زيادة إنتاج خلايا الدم البيضاء بشكل مفرط». هذا الفيض من خلايا الدم البيضاء يسبب التهابا وتخثرا في الأوعية الدموية. إن هذا يزيد خطر الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية. إن تجنب إهمال صحة الرجال النفسية هو استراتيجية أساسية لمنع الإعاقة الجسدية.
إذا كان هناك «شيء» واحد يجب على الرجال تجنبه، فهو «الجهل» بحالة أجسادهم. إن الفحص الدوري هو خط الدفاع الأول لمنع الإعاقة الدائمة. يجب على الرجال تجنب إهمال الفحوصات الأساسية مثل: فحص ضغط الدم،ط: فحص الكوليسترول، فحص سكر الدم (الجلوكوز أو A1C)، وفحص البروستاتا.
بالنسبة للرجل الذي تم تشخيصه بالفعل بمرض مزمن، تتحول الفحوصات الدورية من «أداة كشف» إلى «أداة لمنع المضاعفات».
ولذلك فإن فحص الكلى (البروتين الزلالي الدقيق) يكشف عن تلف الكلى قبل أن ينتهي الأمر بالفشل الكلوي. وفحص الشبكية ضروري لمرضى السكري وارتفاع ضغط الدم للكشف عن «اعتلال الشبكية» قبل أن يحدث العمى. إن الفحص الدوري ليس اختبارا لـ «الصحة الحالية» إنه نافذة على المستقبل. فالشيء الذي يجب تجنبه هو الجهل.


.png)
















































