مصاب بمرض وراثي نادر.. أم مصرية تستغيث لإنقاذ نجلها من العمى

مصاب بمرض وراثي نادر.. أم مصرية تستغيث لإنقاذ نجلها من العمى

المحرر: محمود الغول - مصر

محمد عمرو السعيد عرفة، طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره، وُلد في 12 أكتوبر 2017، واليوم يقف على حافة فقدان البصر نهائيًا، بسبب مرض وراثي نادر يُعرف باسم اعتلال العصب البصري الوراثي ليبر (Leber’s Hereditary Optic Neuropathy – LHON)، وهو من أخطر أمراض العيون التي تصيب الأطفال والشباب.

هذا المرض لا يهدد فقط نظر محمد، بل مستقبله بالكامل، إذ يمكن أن يحوله في غضون أشهر قليلة إلى طفل كفيف، إذا لم يتلق العلاج المناسب في الوقت المناسب.

يعد مرض ليبر من الأمراض الوراثية النادرة للغاية، حيث تشير الدراسات الطبية إلى أن نسبته عالمياً لا تتجاوز 1 من كل 30 ألف شخص، يتمثل المرض في طفرة جينية تصيب الميتوكوندريا (MT-ND6)، وهو ما يسبب ضمورًا تدريجيًا في العصب البصري، وبالتالي فقدان البصر بشكل سريع ومفاجئ.

في العالم العربي، تندر الإحصائيات الدقيقة عن هذا المرض، لكن المؤكد أن مصر لا تمتلك حتى الآن بروتوكولات علاجية معتمدة له، كما أن الدواء الوحيد الذي يمكن أن يبطئ من تقدمه – وهو إيدبينون (Idebenone) – غير مسجل في وزارة الصحة المصرية، ولا مدرج في قوائم هيئة الشراء الموحد أو التأمين الصحي.

الأطباء الذين تابعوا حالة محمد أكدوا أن التأخير في العلاج يساوي خسارة نهائية للبصر، وأن كل يوم يمر دون تدخل هو اقتراب أكبر من الإعاقة الكاملة.

بداية المأساة.. الأم تحكي
بدأت رحلة محمد مع المرض قبل حوالي عام تقريبا، حين ظهرت عليه أعراض صداع متكرر وزغللة في الرؤية، ثم بدأ نظره يتدهور تدريجيا، بينما الفحوصات الطبية كشفت أن العين اليسرى فقدت مركز الإبصار ولم يتبق سوى الأطراف، أما العين اليمنى فقد انخفضت فيها القدرة البصرية إلى 2 فقط، أي أن الرؤية لا تكاد تمكنه من إدراك العالم من حوله.

الأم.. السيدة تحية محمد عبد الحميد يوسف، وصفت اللحظة الأولى لمعرفة إصابة ابنها قائلة لـ«جسور»: «أنا كنت فاكرة إنه مجرد ضعف نظر أو محتاج نظارة. لكن لما رحت بيه للدكاترة، اكتشفت الحقيقة الصادمة: ابني عنده مرض نادر جداً، اسمه ليبر. الدكاترة قالولي إن المرض ده بيمشي بسرعة رهيبة، وإن ابني ممكن يفقد النور خالص لو ما اتعالجش فورا».

منذ أكثر من عشرة أشهر، والأم تحمل ابنها من باب إلى آخر، بين المراكز والمستشفيات الحكومية والخاصة، بحثا عن أمل، و تقارير طبية صادرة من مركز النخبة لطب العيون ومركز إبصار ومركز البستان ومستشفى عين شمس وبوابة العلاج على نفقة الدولة، كلها أجمعت على التشخيص ذاته وقدمت التوصية ذاتها وهي أن العلاج الوحيد المتاح عالميًا هو دواء إيدبينون بجرعات عالية وتحت إشراف مستشفى أوروبي متخصص.

لكن هذا العلاج ورغم فعاليته المثبتة،غير متوفر في مصر.

تقول الأم لـ«جسور»: «العلاج موجود في أوروبا، لكن للأسف مش مسجل عندنا في مصر، وكمان ممنوع يدخل البلد. حاولت بكل الطرق أجيبه من بره، لكن المستشفيات هناك رفضوا وقالوا ما ينفعش يتاخد إلا جوه مستشفى متخصصة تحت إشرافهم. يعني ابني لازم يسافر فورًا، بس مين يسمع؟».

الطفل محمد عمر ووالدته
الطفل محمد عمر ووالدته

كل الأبواب مغلقة
تروي السيدة تحية معاناتها اليومية: «كل جهة بروح لها بتشخص الحالة وتكتب تقرير إن العلاج مطلوب لكن في الآخر يقولولي خارج البروتوكولات، لازم قرار رئاسي، أنا بعت تليغرافات وفاكسات وخطابات بريدية، وكل مرة يقفلوا السكة في وشي، حسيت إني لوحدي. ابني بيضيع قدامي وأنا مش قادرة أعمل حاجة».

وتضيف بمرارة ولهجة يائسة: «أنا ست غلبانة، ماليش غير ربنا. ابني أمله الوحيد بعد ربنا هو الرئيس عشان كده أناشد الرئيس السيسي من قلب أم مكسورة: أنقذ محمد قبل ما يفقد نور عينيه للأبد».

لم تقف الأزمة عند حدود غياب الدواء، بل وصلت إلى تفاصيل بيروقراطية عقدت الوضع أكثر. تقول الأم: «قدمت بنفسي في التضامن الاجتماعي عشان أفتح حساب خاص لعلاج ابني. وبالفعل جالي موافقة رسمية من وزارة الصحة والسكان. لكن لحد دلوقتي الحساب ما اتفتحش. ليه؟ أنا مش عارفة. كل يوم بيعدي، النور بيتسحب من عيون محمد».

واقع المرض في مصر والعالم العربي

في دول الاتحاد الأوروبي، يُصرف دواء إيدبينون للمرضى فور التشخيص، بشرط أن يكون داخل مستشفيات متخصصة، وبعض الدول مثل ألمانيا وسويسرا وفرنسا توفر العلاج على نفقة التأمين الصحي. في المقابل، في مصر والدول العربية، لا توجد برامج علاجية رسمية أو بروتوكولات واضحة للتعامل مع هذا المرض النادر.

يؤكد خبراء طب العيون أن غياب تسجيل الدواء في وزارات الصحة العربية يجعل المرضى في مواجهة مصير محتوم: إما السفر للخارج بتكاليف باهظة، أو الاستسلام لفقدان البصر.

تختتم السيدة تحية استغاثتها بنداء يحمل كل معاني الألم والأمل معا: «سيادة الرئيس أنا مش بكتب الكلام ده غير من قهري على ابني محمد لسه صغير، عنده 8 سنين ليه يعيش باقي عمره في عتمة؟ أناشدك كأب لكل المصريين أن تنقذه، هو ما يطلبش حاجة تانية غير حقه في النور».

محمد اليوم يرمز إلى أزمة أكبر  وهي أزمة من يعانون الأمراض النادرة في مصر والعالم العربي، الذين يقفون وحيدين أمام جدار البيروقراطية وغياب البروتوكولات.

وبينما يتسابق العالم لتوفير علاجات مبتكرة، يبقى مستقبل هؤلاء الأطفال رهينًا بقرار واحد قد ينقذ حياتهم.

المقالة السابقة
«الصحة السعودية» تحقق الفئة الذهبية في برنامج دعم ذوي الإعاقة
المقالة التالية
قطر تستضيف المعرض العربي للأسر المنتجة ودعم الابتكار للأشخاص ذوي الإعاقة

وسوم

أصحاب الهمم (45) أمثال الحويلة (392) إعلان عمان برلين (395) اتفاقية الإعاقة (540) الإعاقة (105) الاستدامة (911) التحالف الدولي للإعاقة (887) التشريعات الوطنية (707) التعاون العربي (419) التعليم (55) التعليم الدامج (55) التمكين الاقتصادي (65) التنمية الاجتماعية (909) التنمية المستدامة. (60) التوظيف (46) التوظيف الدامج (701) الدمج الاجتماعي (615) الدمج المجتمعي (131) الذكاء الاصطناعي (69) العدالة الاجتماعية (56) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (423) الكويت (67) المجتمع المدني (897) الولايات المتحدة (51) تكافؤ الفرص (896) تمكين (66) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (505) حقوق الإنسان (61) حقوق ذوي الإعاقة (75) دليل الكويت للإعاقة 2025 (369) ذوو الإعاقة (124) ذوو الاحتياجات الخاصة. (869) ذوي الإعاقة (435) ذوي الهمم (45) ريادة الأعمال (382) سياسات الدمج (882) شركاء لتوظيفهم (377) قمة الدوحة 2025 (530) كود البناء (371) لغة الإشارة (47) مؤتمر الأمم المتحدة (331) مجتمع شامل (889) مدرب لغة الإشارة (580) مصر (45) منظمة الصحة العالمية (600)