بدأت قطر مؤخرا فصلًا جديدًا في علاقتها مع “الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن” لكنّ الأرقام التي نشرها التقرير السابع لسلسلة الإحصاءات الاجتماعية الصادرة عن المجلس الوطني للتخطيط تكشف عن تحول جوهري يتجاوز الإحصاءات إلى إعادة تعريف معنى جديد للرعاية.
فقد توسعت خريطة الخدمات المخصصة لذوي الإعاقة بوتيرة غير مسبوقة. فمن 12 مركزًا فقط في السابق ارتفع عدد المراكز المتخصصة إلى38 مركزًا في قفزة تعكس رغبة واضحة في الدمج والتمكين لا مجرد الاحتواء. هذا التوسع يضع قطر ضمن الدول القليلة التي تملك بنية تحتية شبه متكاملة لرعاية ذوي الإعاقة مدعومة بموارد بشرية تضاعفت بدورها. كما في مستشفى الرميلة الذي شهد نموًا في عدد وحداته المتخصصة من 13وحدة إلى 15وحدة، وتضاعف عدد العاملين فيه من 1,212 إلى 2,746 موظفًا، يشكّل الممرضون منهم 64%.
بدأت تظهر ملامح جديدة على وجوه آلاف الأسر القطرية. فعدد المسجلين في مراكز الرعاية تضاعف تقريبًا من7,439 إلى14,349 خلال السنوات الماضية ومعه تنوّعت أشكال الدعم. ف 59%من هؤلاء يتلقون خدماتهم عبر الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما توفر أكاديمية العوسج فرصة تعليم متكامل للأطفال ذوي صعوبات التعلم من الروضة وحتى الصف الثاني عشر بنسبة 7% من إجمالي المسجّلين.
أما على صعيد الرعاية الصحية فقد ارتفع عدد المستفيدين من خدمات مستشفى الرميلة من ذوي الإعاقة من 9,816 في عام 2013 إلى22,473 في عام 2022، منهم 36% دون سن الخامسة عشرة و64% من الفئة العمرية الأكبر.
وتكشف بيانات وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة عن تضاعف عدد المستفيدين من خدمات الضمان الاجتماعي المخصصة لذوي الإعاقة. حيث ارتفع العدد من 959 شخصًا عام 2015 إلى 2,334 شخصًا في أحدث الإحصائيات. وبلغت نسبة الذكور ضمن هذه الفئة 20% مقابل 7% للإناث.
في الوقت نفسه تتغير معالم الشيخوخة في قطر. فعدد السكان فوق سن الستين بلغ نحو 76,000 فرد، أي ما يعادل 2.6% من إجمالي السكان. وتوفر الدولة رعاية متكاملة لهذه الفئة عبر مؤسسات متخصصة من أبرزها مركز “إحسان” الذي يُعنى بتمكين كبار السن وتحسين جودة حياتهم.
ربما لا تزال هناك تحديات قائمة وربما لا تُقاس جودة الحياة دائمًا بعدد المراكز أو نسب النمو، لكنّ قطر اليوم تسير في اتجاه مغاير حيث لا تُختزل الإعاقة في ملف طبي ولا يُحصر التطور في تقدم العمر. إنها محاولة لصياغة “مجتمع شامل” لا يترك أحدًا خلفه لا بسبب إعاقة ولا العمر.