أطلقت مؤسسات كندية كبرى في قطاعي البناء والتصنيع مشروعًا مبتكرًا يركز على توظيف الشباب من ذوي الإعاقة وتعزيز قدراتهم المهنية.
تأتي هذه المبادرة تحت عنوان«التصميم الشامل من أجل الوصول إلى التوظيف» (IDEA)، ويقودها بشكل مشترك معهد العمل والصحة (IWH) ومركز العلاقات الصناعية وإدارة الموارد البشرية (CIRHR) في جامعة تورونتو، بدعم تمويلي اتحادي قدره 4.44 مليون دولار كندي على مدى 38 شهرًا، ضمن إطار برنامج استراتيجية توظيف الشباب وتنمية المهارات.
من التركيز على الباحثين عن العمل إلى تعزيز قدرة أصحاب العمل
تتميز مبادرة IDEA بنهج مختلف عن النماذج التقليدية في التوظيف، إذ لا تركز فقط على مهارات الشباب الباحثين عن العمل، بل تعمل على رفع ثقة أصحاب العمل وقدرتهم على التعامل مع تنوع القدرات والإمكانات. يقول الدكتور إميل تومبا، المدير التنفيذي لـIDEA والعالم الأول في IWH:
«يواجه الشباب ذوي صعوبات التعلم واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والهويات العصبية المختلفة والإعاقات الفكرية والتحديات النفسية، صعوبة بالغة في الحصول على وظائف ذات جودة عالية. في الوقت نفسه، توفر صناعات البناء والتصنيع العديد من فرص العمل ذات الرواتب المجزية، لكنها تعاني من نقص مستمر في العمالة خلال العقد الماضي. لذا تعزيز ثقة أصحاب العمل في توظيف هذه الفئة من الشباب سيساهم في زيادة القدرة على جذب المواهب والاحتفاظ بها وترقيتها، ضمن فئة شابة مليئة بالإمكانات التي غالبًا ما تُهمل»
ويؤكد الدكتور تومبا على أن نجاح هذه المبادرة لا يقتصر على التوظيف وحده، بل يمتد إلى تغيير المواقف وثقافة المؤسسات. يقول:
«الأمر يتعلق بتغيير المواقف والمعايير والثقافة وكيفية التواصل مع الأشخاص داخل وحدات العمل والمؤسسات وخلق واقع جديد متقبل للتنوع. هؤلاء الأشخاص موهوبون وقادرون تمامًا، وأحيانًا أكثر من بعض زملائنا الحاليين غير المتنوعين عصبيًا. هناك الكثير من الإمكانيات هنا، ولا أرى أي مخاطر حقيقية»
شراكات استراتيجية وحلول قائمة على الأدلة
يعتمد مشروع IDEA على التعاون والشراكات الفاعلة، حيث يشارك فيه أكثر من اثنتي عشرة منظمة، من بينها Inclusion Canada، وAutism Alliance of Canada، وYouth Employment Services، لتعزيز ثقافة الشمولية في بيئات العمل. ويشير الدكتور تومبا:
«نحرص على تصميم الحلول بشكل مشترك مع شركائنا، بحيث يكونون شركاء فاعلين في كل مرحلة من مراحل المشروع، سواء في المبادرة الكبيرة IDEA أو في برامج محددة مثل YES»
ويؤكد الدكتور رافائيل جوميز، مدير CIRHR، أن نجاح المشروع قائم على الأدلة والبحوث العلمية:
«باستخدام شبكات CIRHR وخبراته البحثية، نضمن أن تكون الحلول مستندة إلى الأدلة ومطورة بشكل مشترك مع شركاء الصناعة، بما يحقق نتائج عملية ومستدامة»
أدوات مبتكرة لتقييم القدرات وكسر الحواجز
من أهم مخرجات المشروع تطوير إطار عمل على مستوى الأنظمة وأداة فحص نبض المؤسسة، تساعد أصحاب العمل على تقييم مدى جاهزيتهم وقدرتهم على التعامل مع ذوي الإعاقة، وتحديد الفجوات في الموارد المتاحة. كما سيتم ابتكار حلول عملية في بيئات العمل وتطويرها واختبارها، وإنشاء مركز موارد داعم لأصحاب العمل.
يشير الدكتور تومبا إلى أن العديد من المفاهيم الخاطئة لدى أصحاب العمل تتعلق بصعوبة توظيف الشباب من ذوي الإعاقة، لكنه يوضح:
«أغلب الحواجز تكمن في نقص المعرفة حول الدعم المتاح داخل المؤسسة. غالبًا ما يكون الحل بسيطًا، ويحتاج فقط بعض الوقت لفهم طرق جديدة للتواصل والتفاعل مع الموظفين وفق أسلوبهم الخاص. الأمر لا يتطلب نفقات مالية كبيرة، بل مجرد تغيير في المواقف والمعايير»
فعاليات مستقبلية لتعزيز الشمولية
تستعد مبادرة IDEA لعقد مؤتمرها السنوي في الفترة من 6 إلى 7 أكتوبر في حرم شوارز رايزمان للابتكار في تورونتو. حيث سيجتمع الباحثون وأصحاب العمل وصانعو السياسات وأصحاب المصلحة لمناقشة الحلول ومشاركة الموارد الخاصة بالشمولية في أماكن العمل. ويضيف الدكتور تومبا:
«لن يتحقق التغيير الشامل إلا من خلال العمل الجماعي. لا يمكن لأي منظمة أو جهة منفردة أن تحقق هذا الهدف، بل يجب أن يكون جهدًا تعاونيًا. معًا يمكننا خلق واقع جديد، يكون أكثر شمولية وعدالة للأشخاص ذوي الإعاقة»
ومع تقدم مبادرة IDEA، يأمل قادة المشروع وشركاؤه في وضع معيار جديد للفرص والشمولية في سوق العمل الكندي، ليصبح مثالًا يُحتذى به عالميًا، ويُبرز أن الشباب من ذوي الإعاقة ليسوا مجرد متلقين للمساعدة، بل شريك فاعل ومصدر قيمة حقيقية في بيئة العمل الحديثة.