Skip to content

مسارات يفتح آفاق التمكين ويوظف 492 من ذوي الإعاقة في الشارقة

الشارقة – جسور- فاطمة الزهراء بدوي

يواصل مركز مسارات للتطوير والتمكين في الشارقة أداء دوره الحيوي، منذ أكثر من ثلاثة عقود، في دعم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، ضمن رؤية  مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، المؤسسة الأم التي أنشأت المركز عام 1989 تحت مسمى “قسم التأهيل المهني”، قبل أن يتحول إلى “مسارات” في عام 2016.

يتكون المركز من ثلاثة أقسام رئيسية، يندمج كل منها في الآخر ليصنع تجربة متكاملة للمنتسبين. القسم الأول هو قسم التعليم المستمر، ويقدم برامج تعليمية مصممة لتناسب الاحتياجات الفردية، من بينها “برنامج العيش المستقل” الذي يعتمد على منهاج (TEACCH)، ويستقبل الشباب من سن 16 حتى 25 عامًا. يهدف هذا البرنامج إلى تنمية المهارات الحياتية والاجتماعية، وإعداد المنتسبين للاندماج الكامل في المجتمع من خلال خطة تربوية فردية تُصمم بناءً على تقييم شامل واحتياجات كل فرد.

أما القسم الثاني، قسم المشاريع الإنتاجية، فهو منصة عملية تطبّق فيها المهارات المكتسبة، وتوفّر فرص تدريب مهني حقيقي في بيئة عمل تحاكي الواقع. في هذا السياق، أطلقت المدينة منصة “تكوين”، وهي منصة إلكترونية تهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة من دخول سوق العمل، مع التركيز على الإنتاج المجتمعي والريادة الاجتماعية.

القسم الثالث هو قسم التوظيف، الذي يربط الخريجين وأصحاب المهارات من المنتسبين بفرص عمل في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة. يبدأ المسار الوظيفي للمنتسب بجلسة إرشاد مهني، يتبعها تقييم شامل، ثم تسجيل البيانات في قاعدة خاصة بالتوظيف، تتيح للمركز البحث عن وظائف ملائمة بالشراكة مع مؤسسات الدولة. في حال تم التوظيف، يُتابع المركز الحالة بشكل دوري لضمان استمرار الدمج وتحقيق الاستقرار المهني والنفسي للموظف.

تشير مريم محمد يوسف بن صندل، مديرة المركز بالإنابة، إلى أن عدد المنتسبين بلغ 161 شخصًا، وأن المركز يقدّم لهم إلى جانب البرامج التعليمية، خدمات مساندة تشمل التقييم النفسي، النطق، العلاج الطبيعي، والسباحة العلاجية، مما يجعل التجربة متكاملة، تدمج ما بين التعليم والرعاية الصحية والنفسية والتفاعل المجتمعي.

وفي إنجاز نوعي، حصل المركز في عام 2020 على الاعتماد الدولي من مؤسسة بيرسون البريطانية، لتدريس برامجها التعليمية والمهنية، لتصبح مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أول جهة في المنطقة تنال هذا الاعتماد في مجال ذوي الإعاقة، ما يعزز من قيمة الشهادات التي يحصل عليها المنتسبون، ويدعم فرصهم في المنافسة بسوق العمل.

توظيف ذوي الإعاقة لا يتم بمعزل عن البيئة المحيطة، ولكنه يستلزم شراكة حقيقية مع المجتمع ومؤسساته. ولهذا، ينظم المركز دورات تدريبية متخصصة للمؤسسات الشريكة حول كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة داخل بيئة العمل، لضمان تحقيق الدمج الفعلي وتقليص الحواجز النفسية والعملية.

حتى منتصف عام 2025، نجح المركز في توظيف 492 شخصًا من ذوي الإعاقة في مؤسسات حكومية وخاصة على مستوى الدولة، في إنجاز يعكس جدوى البرامج المطبقة، وفاعلية منهج التمكين والتأهيل. كما يضم المركز اليوم 90 موظفًا، 19 منهم من ذوي الإعاقة، مما يعزز روح القدوة ويفتح المجال أمام المنتسبين لرؤية نماذج ملهمة داخل المؤسسة نفسها.

يمضي مركز مسارات في خطاه بثبات، متسلحًا برؤية واضحة، وشراكات قوية، وتجربة إنسانية متراكمة، ليبقى نموذجًا يحتذى في دعم ذوي الإعاقة، وتمكينهم على جميع المستويات.