«نحن الاحتواء»..  190 دولة في مؤتمر عالمي بالشارقة لمناقشة حقوق ذوي الإعاقة 

«نحن الاحتواء»..  190 دولة في مؤتمر عالمي بالشارقة لمناقشة حقوق ذوي الإعاقة 

المحرر: عبد الصبور بدر - الإمارات

تستعد إمارة الشارقة خلال الفترة من 15 إلى 17 سبتمبر 2025 لاستضافة الدورة الثامنة عشرة من المؤتمر العالمي «نحن الاحتواء»، في حدث يُعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمشاركة أكثر من 120 مؤسسة ومنظمة دولية، وبحضور ممثلين عن 190 دولة، وذلك لبحث سبل تعزيز سياسات دمج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.

ويرتكز المؤتمر على مناقشة الأطر القانونية الدولية والوطنية، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 في دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارهما أساساً لبناء سياسات الدمج والتمكين.

أجندة حافلة بالمشاركات

وتأتي استضافة الشارقة للمؤتمر ضمن أجندة غنية بالموضوعات التي تركز على القوانين والسياسات ذات الصلة، حيث يعبّر المناصرون الذاتيون من ذوي الإعاقة الذهنية عن تجاربهم وحقوقهم، ويعملون على إبراز رؤيتهم للتغييرات المطلوبة في التشريعات. ويشارك في المؤتمر أكثر من 95 مناصراً ذاتياً يتحدثون مباشرة عن قضاياهم، بما يعكس الطابع التشاركي للمؤتمر وأهمية إشراك هذه الفئة في صياغة المستقبل الذي يطمحون إليه.

انعقاد استثنائي في لحظة تحول

ويكتسب المؤتمر بعداً استثنائياً نظراً لانعقاده في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات اقتصادية واجتماعية وتقنية كبيرة تنعكس على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، فيما يعكس احتضان الشارقة لهذه الفعاليات عمق التجربة الإماراتية في بناء نموذج رائد للإدماج والتمكين، ويجعل من الإمارة منصة موثوقة لإطلاق توصيات مؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي.

مرجعية الاتفاقية الدولية

وتُعد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المرجعية الدولية الأوسع في هذا المجال، إذ تنطلق من مبدأ أن الإعاقة نتاج للحواجز المجتمعية والبيئية أكثر منها مرتبطة بذوات الأفراد. وتؤكد الاتفاقية على مبادئ الكرامة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص والمشاركة الفاعلة، إلى جانب المساواة بين الجنسين واحترام حقوق الأطفال. كما تلزم الدول الأطراف بسنّ تشريعات تضمن المساواة وإلغاء أي ممارسات تمييزية، فضلاً عن إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في تصميم السياسات والبرامج الموجهة لهم.

القانون الاتحادي رقم 29

وعلى الصعيد الوطني، شكّل القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 مرجعية محورية في حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث نصّ على المساواة وعدم التمييز، وضمان الحق في التعليم الشامل والعمل في القطاعين العام والخاص، إلى جانب توفير الرعاية الصحية والخدمات التأهيلية، وتهيئة البيئة الداعمة، وإقرار إعفاءات خاصة تتيح سهولة الوصول إلى المرافق والخدمات. وقد مثّل القانون نموذجاً محلياً رائداً في مواءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية، بما يرسخ مبدأ المشاركة الكاملة في المجتمع.

مصادقة واسعة النطاق

حتى فبراير 2025، بلغ عدد الدول المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 192 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي، ما يجعلها واحدة من أكثر المعاهدات الدولية قبولاً ضمن منظومة حقوق الإنسان، ويؤكد أن قضية الدمج أصبحت التزاماً عالمياً لا مجرد مطلب محلي أو نخبوياً.

التقارير الدورية وتحديات الالتزام

ورغم ذلك، تسجل اللجنة الأممية المشرفة على الاتفاقية تراكمات كبيرة في استلام التقارير الدورية من الدول، مقارنة ببقية معاهدات حقوق الإنسان، وهو ما يعكس بطء العديد من الحكومات في الوفاء بالتزاماتها. لذلك، يوفّر مؤتمر “نحن الاحتواء” منصة حيوية لتجديد الالتزامات الدولية، وتعزيز الشفافية في تنفيذ التعهدات المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

الأهلية القانونية واتخاذ القرار

وتشير تقارير دولية إلى أن أقل من نصف دول العالم تمتلك قوانين وطنية متوافقة كلياً مع اتفاقية الأمم المتحدة، فيما يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية عقبات كبيرة في الأهلية القانونية والقدرة على اتخاذ القرارات. وتطرح المناقشات نهج “اتخاذ القرار المدعوم” كخيار أساسي يمنح الأفراد الحق في تقرير مصيرهم بمساعدة ثقات أو داعمين من الأسرة أو الأقران، وهو ما يتيح لهم ممارسة حقوقهم القانونية على نحو متكافئ.

الإصلاحات والدعم المجتمعي

كما يشدد الخبراء على أهمية الجمع بين الإصلاحات القانونية والدعم المجتمعي، بما يضمن انتقال قضايا الأهلية القانونية من النصوص إلى الممارسة الواقعية. وتبرز في هذا السياق أدوار الأسر والمجتمعات المحلية في تمكين ذوي الإعاقة الذهنية من المشاركة الفاعلة.

نموذج التعليم الدامج

وعلى المستوى المحلي، كان للقانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 دور بارز في إرساء قواعد التعليم الدامج في دولة الإمارات، وقد عزّزت سياسة “المدرسة للجميع” التي أطلقت عام 2010 هذا التوجه، حيث فتحت أبواب المؤسسات التعليمية أمام جميع الطلاب. ورغم استمرار تحديات مرتبطة بتغيير المواقف داخل بعض المدارس والجامعات، إلا أن التجربة الإماراتية رسخت قاعدة قوية للانتقال من الدمج الشكلي إلى الدمج الفعلي.

منصة للتأثير الدولي

بهذا، تتحول الشارقة خلال سبتمبر الجاري إلى نقطة التقاء دولية لمناقشة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، وتأكيد أن التمكين والمساواة لم تعد شعارات بل التزامات قانونية وأخلاقية على الدول ترجمتها إلى واقع ملموس في التشريعات والسياسات والممارسات اليومية.

المقالة السابقة
وفاة الطفلة حلا.. نهاية مأساوية لنداء استغاثة لم يجد مجيبا في غزة
المقالة التالية
دراسة فلسطنية تكشف إقصاء ذوي الإعاقة من خطط والإخلاء

وسوم

أصحاب الهمم (45) أمثال الحويلة (389) إعلان عمان برلين (392) اتفاقية الإعاقة (535) الإعاقة (93) الاستدامة (837) التحالف الدولي للإعاقة (813) التشريعات الوطنية (632) التعاون العربي (412) التعليم (50) التعليم الدامج (43) التمكين الاقتصادي (60) التنمية الاجتماعية (834) التنمية المستدامة. (55) التوظيف (42) التوظيف الدامج (698) الدمج الاجتماعي (611) الدمج المجتمعي (123) الذكاء الاصطناعي (64) العدالة الاجتماعية (55) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (412) الكويت (62) المجتمع المدني (826) الولايات المتحدة (49) تكافؤ الفرص (825) تمكين (57) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (501) حقوق الإنسان (60) حقوق ذوي الإعاقة (73) دليل الكويت للإعاقة 2025 (367) ذوو الإعاقة (112) ذوو الاحتياجات الخاصة. (798) ذوي الإعاقة (370) ذوي الهمم (43) ريادة الأعمال (381) سياسات الدمج (811) شركاء لتوظيفهم (375) قمة الدوحة 2025 (459) كود البناء (369) لغة الإشارة (42) مؤتمر الأمم المتحدة (329) مجتمع شامل (818) مدرب لغة الإشارة (578) مصر (37) منظمة الصحة العالمية (598)