اليوم العالمي للرعاية والدعم.. الأمم المتحدة: واجب جماعي وحق إنساني

تُحيي  منظمة الأمم المتحدة في التاسع والعشرين من أكتوبر الجاري، اليوم العالمي للرعاية والدعم، في تذكيرٍ بأن رعاية ذوي الإعاقة ليست مسؤولية فردية فحسب، بل هي واجب جماعي وحق إنساني أساسي يجب أن تحميه وتدعمه أنظمة دامجة وشاملة، فالرعاية هي حجر الأساس للمجتمعات المزدهرة والاقتصادات القوية والمجتمعات التي لا تُقصي أحدًا.

رؤية الصندوق العالمي للإعاقة

أكد الصندوق العالمي للإعاقة GDF ، أن رؤيته تقوم على بناء مجتمع يضع الرعاية في قلب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تُعامل الرعاية باعتبارها منفعة عامة وعملاً مهنيًا ذا قيمة ومهارة عالية يسهم في تعزيز الرفاه الاجتماعي والاقتصادي.

وأشار الصندوق إلى أنه يسعى إلى عالم يعترف فيه بالرعاية كأساس للمشاركة المتكافئة والمعاملة العادلة بين جميع أفراد المجتمع، لا كعبء شخصي أو مسؤولية تقع على عاتق الأسر وحدها.

تزايد أعداد من يحتاجون الرعاية

بينما يشهد العالم اليوم تحولات سكانية كبيرة فإن ذلك تتطلب استجابة فورية وفعالة، فبحلول عام 2030، من المتوقع أن يبلغ عدد من يحتاجون إلى الرعاية 2.3 مليار شخص، نتيجة لزيادة عدد كبار السن بمئة مليون شخص، وارتفاع عدد الأطفال بين 6 و14 عامًا بمئة مليون طفل إضافي.

ومع ذلك، لا تزال الرعاية في معظم المجتمعات غير معترف بها بالقدر الكافي، وغالبًا ما تُختزل في كونها خيارًا شخصيًا أو مسؤولية عائلية.

النساء وعبء الرعاية غير مدفوعة الأجر

تشير الإحصاءات إلى أن النساء يؤدين أكثر من 76% من إجمالي أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، أي ما يعادل 3.2 ضعف الوقت الذي يقضيه الرجال.

وفي مجال رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، ترتفع هذه النسبة بشكل أكبر، ما يعكس اختلالًا واضحًا في توزيع الأدوار داخل الأسرة والمجتمع. هذا التفاوت يعمّق الفجوة بين الجنسين، ويحد من فرص التعليم والعمل أمام النساء، ويقوّض العدالة الاقتصادية والاجتماعية.

برنامج مشترك لإعادة تصور أنظمة الرعاية

استجابةً لهذه التحديات، أطلق الصندوق العالمي للإعاقة برنامجًا مشتركًا حول الرعاية غير مدفوعة الأجر والإعاقة والمقاربة التحويلية للنوع الاجتماعي، يُنفَّذ في تنزانيا، وموزمبيق، وكينيا، وكولومبيا، وبنما، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  UNDP، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة  UN Women، واليونيسف UNICEF، وصندوق الأمم المتحدة للسكان  UNFPA، ومنظمة العمل الدولية ILO، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان OHCHR.

تمكين المرأة  واستقلالية ذوي الإعاقة

يرتكز البرنامج على مقاربة مزدوجة تهدف إلى تحويل أنظمة الرعاية لتعزيز المساواة بين الجنسين، وفي الوقت نفسه تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش باستقلالية والمشاركة الكاملة في المجتمع.

ومن خلال تنفيذ تدخلات تتلاءم مع الخصوصيات المحلية وإنتاج أدلة مقارنة، يسهم البرنامج في وضع خريطة طريق لأنظمة رعاية دامجة قائمة على الحقوق يمكن تطبيقها عالميًا.

الاستثمار في الرعاية

في هذه المناسبة، يؤكد الصندوق العالمي للإعاقة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي التزامهما الراسخ بالتنمية الدامجة والشاملة، فـالاستثمار في الرعاية ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو خيار استراتيجي، يحقق مكاسب ملموسة في مجالات المساواة بين الجنسين، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة.

فبناء مستقبل تُقدَّر فيه الرعاية ويُتشارك فيها، ويُدعَم ممارسوها، هو الطريق نحو عالم أكثر عدلاً وإنصافًا وإنسانية، لا يُترك فيه أحد خلف الركب.