قررت البريطانية هولي ترافيل Hollie Travill أن تنقل خبرتها إلى مستوى جديد، بعد أكثر من عقدين من العمل في مجال الإرشاد المهني ودعم الباحثين عن عمل في بريطانيا.
بدافع شغفها بمساندة الأشخاص من ذوي الإعاقة والاختلافات العصبية، أسست مطلع عام 2025 مشروعها الريادي Empower Access Thrive، الهادف إلى مساعدة هؤلاء الأفراد على النجاح والازدهار في بيئة العمل، من خلال التدريب والدعم النفسي والاستشاري المتخصص.
ترافيل، التي تمتلك أكثر من عشرين عامًا من الخبرة في مجال الإرشاد المهني وبرامج «من الرفاهية إلى العمل» في المملكة المتحدة،تقول: «لم يكن الحصول على وظيفة هو الجزء الأصعب دائمًا، بالنسبة للكثيرين من ذوي الإعاقات أو الاضطرابات العصبية، كانت الصعوبة الحقيقية تكمن في البقاء في الوظيفة والتأقلم داخل بيئة العمل».
من هنا جاءت فكرتها لتأسيس شركتها الخاصة، التي تقدم برامج تدريب واستشارات فردية وجماعية تركز على تمكين ذوي الإعاقة من تطوير استراتيجيات عملية لإدارة تحدياتهم اليومية في العمل، وتعزيز نقاط قوتهم الطبيعية.
دعم شامل ومصمم لكل حالة
تقدم Empower Access Thrive مجموعة متنوعة من الخدمات، تشمل:
_تدريب استراتيجي لذوي اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه ADHD
_دعم استراتيجيات مكان العمل لتحسين التواصل والإنتاجية
_تدريب على الوعي بالإعاقة داخل المؤسسات
_إرشاد في برامج الدعم الحكومي مثل مبادرة Access to Work التي تموّل المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقات في أماكن عملهم.
وتوضح ترافيل أن كل برنامج يُصمم بحسب احتياجات الشخص، إذ لا توجد حالتان متشابهتان، ففريقها يعمل مع أشخاص يعانون من اضطرابات مختلفة مثل: التوحّد عسر القراءة واضطراب ما بعد الصدمة والألم المزمن والقلق والاكتئاب والتصلب العضلي ومشكلات السمع أو البصر، وغيرها من الحالات الصحية طويلة الأمد.
وتضيف:«كل شخص يملك طاقة وإمكانات مدهشة، لكنه يحتاج إلى نوع الدعم الصحيح ليظهر أفضل ما لديه».
من فكرة إلى تجربة ملهمة
تقول ترافيل إنها لاحظت خلال عملها الطويل أن العديد من البرامج تركز فقط على إدماج الأشخاص في سوق العمل دون الالتفات إلى الصعوبات التي يواجهونها بعد التوظيف،لذلك قررت أن تكرّس خبرتها لتغيير هذه المعادلة، عبر تدريب الأفراد على مهارات التركيز وتنظيم الوقت وإدارة الإرهاق والتشتّت وتحسين التواصل مع الزملاء والمديرين.
وتؤكد أن هذه الجوانب لا تفيد الأفراد فحسب، بل تنعكس إيجابًا على بيئة العمل بأكملها، إذ تشير دراسات صادرة عن هيئتي Acas وCIPD في بريطانيا إلى أن اتباع سياسات شاملة تدعم العاملين من ذوي الإعاقة يؤدي إلى خفض معدل دوران الموظفين وتقليل أيام الغياب المرضي، وتحسين الأداء العام للشركات.
مكان يحتفي بالاختلاف
يعمل مشروع Empower Access Thrive عبر الإنترنت، إضافة إلى مقر فعلي جديد افتُتح في يونيو الماضي في مركز Vulcan Works، الذي تصفه ترافيل بأنه «مكان جميل ومهيأ بالكامل من حيث الوصول والمرونة».
ورغم أن المشروع لم يُعلن عنه بشكل واسع بعد، إلا أن ترافيل تؤكد أن الإقبال المتزايد عليه جاء نتيجة التوصيات الإيجابية من المشاركين الذين لمسوا تحسنًا حقيقيًا في أدائهم المهني والشخصي.
وتوضح أن الإقبال المتزايد على خدمات التدريب هذه يعكس تغيرًا تدريجيًا في الوعي المجتمعي، حيث بدأت المؤسسات تدرك أن تمكين ذوي الإعاقة ليس واجبًا إنسانيًا فقط، بل استثمار حقيقي في رأس المال البشري.
وتطمح ترافيل إلى توسيع فريقها خلال العام المقبل ليشمل مدرّبين معتمدين من ذوي الخبرة الحياتية في التعامل مع الإعاقات والاختلافات العصبية، مؤكدة أن وجود مدربين مرّوا بتجارب مماثلة يمنح المتدربين ثقةً وشعورًا بالتفاهم الحقيقي.
وتختم حديثها قائلة:«نحن لا نعلّم الناس كيف يتأقلمون مع الإعاقة، بل كيف يحوّلونها إلى مصدر قوة. عندما تتوفر البيئة الداعمة، يصبح كل اختلاف فرصة للإبداع.»
يُذكر أن مشروع “Empower Access Thrive” يمثل نموذجًا متقدمًا في مجال التمكين المهني لذوي الإعاقة، ويعكس اتجاهًا عالميًا متناميًا نحو دمج الاختلافات العصبية والجسدية ضمن ثقافة العمل الحديثة، بوصفها جزءًا من التنوع البشري الذي يُثري المجتمعات.
مبادرة هولي ترافيل تذكيرٌ بأن التمكين الحقيقي يبدأ من الفهم والاستيعاب، وأن دمج ذوي االإعاقة في العمل ليس إحسانًا، بل استثمار في طاقات بشرية قادرة على الإبداع والتغيير.