من منيرة إلى ريم.. ذوات الإعاقة نماذج ملهمة في قاعات البرلمانات العربية

من منيرة إلى ريم.. ذوات الإعاقة نماذج ملهمة في قاعات البرلمانات العربية

المحرر: محمود الغول - مصر
تكريم عضو مجلس الشورى منيرة بن هندي لاختيارها سفيرة النوايا الحسنة للمرأة ، 2014

تقرير حول التمثيل السياسي للنساء ذوات الإعاقة في البرلمانات العربية، بدءًا من الرائدة منيرة بن هندي (البحرين 2006) وصولًا إلى ريم الصغير (تونس 2023)، وتحليل فعالية نظام الكوتة والانتخاب المباشر في دتحقيق غاية الدمج السياسي والاجتماعي.

وفي العالم العربي تواجه النساء ذوات الإعاقة في العالم العربي تحديًا مزدوجًا، حال رغبن في لعب دور سياسي، حيث يقعن في فخ التهميش القائم على النوع الاجتماعي، وإن نجون، يقعن في فخ التشكيك القائم على الإعاقة.

لذلك فإن دخولهن إلى المجالس التشريعية في عدد من الدول العربية لا يمثل مجرد انتصار رمزي، بل هو تحول جوهري يعيد صياغة المشهد السياسي والاجتماعي.

«جسور» تطرح تساؤلا حول مدى الجدية في تمكين النساء ذوات الإعاقة برلمانيًا في الوطن العربي، بدءًا من الرائدة منيرة بن هندي (البحرين 2006) وصولًا إلى ريم الصغير (تونس 2023)، ومناقشة فاعلية نظام الحصة الانتخابية (الكوتة) والانتخاب المباشر في تعزيز ثمثيل ودمج ذوات الإعاقة في الحياة التشريعية العربية.

كان تعيين السيدة منيرة بنت عيسى بن هندي في مجلس الشورى البحريني، في عام 2006 هو اللحظة التاريخية التي شكلت نقطة الانطلاق لهذا التقرير، فقد كانت خطوتها الأولى داخل المجلس بمثابة إعلان عن بدء مرحلة جديدة نحو إدماج فئة طالما غُيبت عن المشهد العام.

يهدف هذا التقرير إلى تحليل مسارات هؤلاء الرائدات، والآليات التي أوصلتهن إلى هذه المناصب، وتقييم إن كان زخمهن قد انتقل إلى البرلمانات العربية الأخرى أم كان تأثيرهن محدود.

منيرة بن هندي نموذج الإدماج الموجه

تعد منيرة بنت عيسى بن هندي، شخصية محورية في تاريخ التمثيل السياسي في العالم العربي، حيث أصبحت أول امرأة عربية من ذوي الإعاقة تصل إلى هيئة تشريعية وطنية، ولم تكن مسيرتها وليدة الصدفة بل تتويجاً لعقود من العمل الدؤوب، حيث أصيبت بشلل الأطفال في طفولتها المبكرة، لكنها حولت هذا التحدي إلى دافع للإنجاز.

وإصرارها على التعليم قادها في عمر الثانية عشرة إلى مخاطبة وزير التربية البحريني آنذاك مباشرةً، متسائلة: «يا عم هل المدرسة لمن يمشي فقط؟»، واصلت مسيرتها التعليمية بتفوق، وشكلت هذه المؤهلات العلمية الرصينة أساس خبرتها العميقة في مجال الإعاقة.

جاء تعيينها في ديسمبر 2006 بموجب أمر ملكي، وهو ما يمثل نموذج «الإدماج الموجه»، حيث تتخذ القيادة السياسية خطوة استباقية ورمزية لتعزيز الشمولية، واستمرت عضويتها لفترتين تشريعيتين كاملتين حتى عام 2014، حيث ترأست لجنة شؤون المرأة والطفل، وشاركت بفاعلية في لجنة الخدمات.

تركت منيرة بن هندي بصمة واضحة من خلال عملها البرلماني الذي ارتكز على الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يثبت أنّ تتويجها كان لخبرة وكفاءة مشهود لهما.

د. هبة هجرس
البرلمانية المصرية د. هبة هجرس

الكوتة المصرية والخبيرة الملهمة

شهد البرلمان المصري الذي انعقد في أواخر 2015 نقطة تحول فارقة، حيث أدت التعديلات الدستورية والقانونية إلى دخول عدد من النساء ذوات الإعاقة قاعة البرلمان في آن واحد، مما عكس تحولًا في النهج التشريعي تجاه الإدماج، وكانت الكوتةالدستورية هي المحرك الأساسي لهذا التغيير.

د. هبة هجرس (2015-2020): دخلت مجلس النواب وهي تحمل معها مسيرة مهنية وأكاديمية طويلة كواحدة من أبرز الخبراء الدوليين في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومثلت «نموذج الخبيرة السياساتية»، حيث ترشحت لرئاسة لجنة التضامن الاجتماعي وشاركت في تقديم تشريعات هامة. بعد انتهاء ولايتها، انتقل تأثيرها إلى الساحة العالمية بتعيينها مقررة خاصة للأمم المتحدة معنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

د. جهاد إبراهيم (2015-2020): مثلت «نموذج الشخصية الملهمة»، حيث كانت أستاذة جامعية وبطلة جمهورية في السباحة، وعُرفت بلقب «نائبة الأمل» وركزت في خطابها على تغيير المفاهيم المجتمعية السلبية.

إن وجود شخصيتين مثل هجرس وإبراهيم تحت قبة البرلمان المصري يكشف عن استراتيجية سياسية واعية، حيث أتاح نظام الكوتة دخول نموذج لتقديم الخبرة التشريعية الموضوعية، وآخر لتقديم سردية قوية ومؤثرة لدى الجمهور، مما يدل على أنّ الأحزاب السياسية تختار مرشحين يؤدون وظائف مختلفة لتعظيم الفائدة السياسية من التمثيل الإلزامي.

حياة المشفوع
النائبة المغربية حياة المشفوع

نموذج المغرب

حياة المشفوع (المغرب، 2016): قدمت التجربة المغربية نموذجاً فريدا، حيث دخلت حياة المشفوع التاريخ كأول امرأة ذات إعاقة تفوز بمقعد في مجلس النواب المغربي عبر القائمة الانتخابية الوطنية.

ولم تكتفِ بعضويتها، بل صعدت إلى منصب نائبة ثامنة لرئيس مجلس النواب، هذا التطور حاسم، فهو يمثل الانتقال من مجرد التمثيل الرمزي إلى امتلاك سلطة مؤسسية ونفوذ على جدول أعمال البرلمان وإجراءاته، ويثبت أن زملاءها النواب يمكن أن ينظروا إلى ممثلة ذات إعاقة كقائدة قادرة على إدارة المؤسسة بأكملها.

ريم الصغير.. صوت ذوات الإعاقة في تونس

ريم الصغير (تونس، 2023): في خضم المشهد السياسي التونسي، برز اسم ريم الصغير كنائبة تمثل نموذجاً مختلفاً للوصول إلى البرلمان، حيث فازت بمقعد في مجلس نواب الشعب التونسي لولاية 2023-2027 عبر انتخاب مباشر، دون الاعتماد على كوتة مخصصة.

هذا يمنحها أعلى درجات الشرعية الديمقراطية، وسجلها التشريعي يوضح أنّها ليست نائبة ذات قضية واحدة، فهي تشارك في إصلاح التعليم والسياسة المالية والشؤون الخارجية، مما يتحدى ظاهرة «الرمزية» ويجسد نموذج «المشرّع كامل الطيف».

مسارات متنوعة وخارطة غير مكتملة

من خلال أربعة نماذج متميزة لوصول النساء ذوات الإعاقة إلى البرلمانات العربية: التعيين الملكي (البحرين)، الكوتة الدستورية (مصر)، الكوتة الهجينة-الانتخابية (المغرب)، والانتخاب المباشر (تونس)، يثبت هذا التقرير أن النساء اللاتي وصلن إلى البرلمانات العربية لم يكن مجرد أرقام رمزية، بل كن فاعلات حقيقيات، ويتجلى تأثيرهن الملموس في رئاسة لجان برلمانية، والوصول إلى مناصب قيادية في هرم السلطة التشريعية.

ومع ذلك يظل هناك غياب لتمثيل النساء ذوات الإعاقة في الحياة النيابية العربية، إما بسبب الوصم الاجتماعي بسبب النوع، أو التشكيك في القدرة على العمل البرلماني بسبب الإعاقة، وهو ما يعني أن التحدي لا يزال قائماً في تحويل هذا الحضور النوعي إلى سياسات مستدامة ترسخ فكرة الدمج.

المقالة السابقة
«تعليم مكة» ينظم المعرض المصاحب لبرنامج شهر التوعية بسرطان الثدي
المقالة التالية
تعيين دلال العثمان مديرًا عامًا لهيئة شؤون ذوي الإعاقة بالكويت

وسوم

أمثال الحويلة (11) إعلان عمان برلين (11) اتفاقية الإعاقة (11) الأردن (2) الأنشطة الطلابية (1) الاستدامة (11) التحالف الدولي للإعاقة (11) التشريعات الوطنية (11) التعاون العربي (11) التعليم الدامج (2) التنمية الاجتماعية (11) التوظيف الدامج (11) الحقوق القانونية (1) الدمج الاجتماعي (11) الدمج الجامعي (2) الرئيس السيسي (1) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (11) اللاذقية (1) المجتمع المدني (11) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2) الوطن. (1) تكافؤ الفرص (11) تمكين (1) جامعة القاهرة (1) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (11) حقوق الإنسان (2) دليل الكويت للإعاقة 2025 (11) ذوو الإعاقة (5) ذوو الاحتياجات الخاصة. (11) ذوو الهمم (2) ذوي الإعاقة الذهنية (1) ذوي الهمم (2) ريادة الأعمال (11) سوريا (1) سياسات الدمج (11) شركاء لتوظيفهم (11) قمة الدوحة 2025 (11) كود البناء (11) لغة الإشارة (1) مؤتمر الأمم المتحدة (11) مجتمع شامل (11) مدرب لغة الإشارة (11) مصر (3) منظمة الصحة العالمية (11) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)