أمل محسن ضحية التنمر: المُعلمة «كسرت قلبي» وأتمنى لقاء الرئيس السيسي

أمل محسن ضحية التنمر: المُعلمة «كسرت قلبي» وأتمنى لقاء الرئيس السيسي

المحرر: سحرشيبة - رمصر
أمل محسن

تعرّضت الفتاة المصرية أمل محسن، وهي من ذوي الإعاقة الذهنية، لحادثة تنمّر داخل أحد المحال، بقرية صلاح الدين في محافظة البحيرة، بعدما رفض البائع التعامل معها، وألقى النقود في وجهها، وهي الواقعة التي هزّت مشاعر المصريين، وأثارت تفاعلًا كبيرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

سيل من المشاهدات ورسائل التضامن مع أمل، عبر وسائل التواصل، وحضور رجال الشرطة سريعا لمكان الواقعة، غيّر المشهد تمامًا، وأعاد لأمل الثقة في نفسها، خصوصا بعد اعتذار مرتكب فعل التنمر أمام الجميع.

واقعة أمل جددت الحديث عن وقائع التنمر والسخرية من ذوي الإعاقة، ورغم التحرك السريع من قبل جهات الأمن والإدانات المتتالية وبيانات التضامن مع أمل، فإن ثقافة التنمر والسخرية تبقى قائمة، وتحتاج إلى عقوبات أكثر ردعا لمقترفيها.

أمل محسن
أمل محسن بطلة واقعة التنمر في البحيرة

نتائج أول دراسة وطنية للمجلس القومي للمرأة، حول العنف ضد النساء ذوات الإعاقة، بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أكدت أن 48% من المبحوثات تعرّضن للعنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي أو العنف القائم على الإعاقة منذ بلوغهن سن الخامسة عشرة.

لكن المؤكد أن الواقعة التي خرجت منها أمل مجبورة الخاطر، لكنها جددت ذكرياتها مع وقائع تنمر قديمة، ربما لم تندمل بعد، وفي حديثها لـ”جسور” قالت أمل إن الحادث الذي تعرضت له ليس الأول في حياتها، وإنها عاشت تجارب مريرة مع التنمّر منذ طفولتها.

تقول: “كانت طفولتي صعبة جدًا، مليئة بخوف دائم وكثير من الدموع، كنت أختلف عن الأطفال من حولي، فقد أثّرت إعاقتي على نطقي ومخارج الحروف لدي، وجعلت كلماتي تخرج متعثّرة، لا تفهمها كل الآذان، ولا تحتملها بعض القلوب، لكن رغم كل ذلك، كنت أحلم أن أعيش طفولتي، أن أضحك، أتعلم، وأسمع كلمات التشجيع ممن حولي لأشعر أنني لا أنقص شيئًا عن أقراني”.

أمل تشارك في أنشطة المؤسسة الوطنية للشباب

وتضيف: “كانت صدمتي الأولى عندما كنت في الصف الأول الابتدائي، أحاول دائمًا بكل جهدي أن أشارك وأتفاعل مثل زملائي، وفي أحد الدروس، سألت المعلمة سؤالًا أثناء الشرح، رفعت يدي بحماس وأجبت بإصرار وسعادة، لأنني شعرت أني أخيرًا أستطيع التعبير عن ذاتي، وبدلًا من أن تصفق لي المعلمة وتشجعني على إجابتي الصحيحة، كما تفعل مع باقي زملائي، نظرت إليّ باستغراب، وقالت أمام الجميع: إنتِ بتتكلمي كده ليه؟.

وتستطرد: فجأة انفجر الفصل كله بالضحك، في تلك اللحظة انكسر شيء بداخلي، لا يمكنني وصفه، بكيت كثيرًا، ولم أتوقف عن البكاء حتى عدت إلى أمي، عندما رأتني بهذه الحالة احتضنتني، وسألتني عمّا حدث، وحكيت لها كل شيء، حاولت أن تهوّن ثقل الموقف عليّ، لكن وجعي حينها لم يكفه مواساة العالم بأكمله”.

كلمات مزّقت القلب

وبعيون أنهكتها الدموع تكمل أمل حديثها:”بعدها رفضت الذهاب إلى المدرسة، لم أعد أحتمل فكرة أن أواجه العالم أو أشعر بسخريتهم من جديد، حاولت أمي مساعدتي، أخبرتني أنها ستقوم بنقلي إلى فصل آخر، وأنها تعرف المدرسة جيدًا، ووعدتني أن الأمور ستكون هناك على ما يرام.

وافقت على مضض، لكن حين وصلنا سمعت كلمات لن أنساها ما حييت، المدرسة قالت لأمي:” انتي مجبتليش بنتك التانية، وجايبالي بنتك التعبانة دي… مزقتني كلماتها أكثر من أي شيء مضى، تركت يد أمي وجريت بعيدًا، وأنا أبكي بكاءً حادًا، ولا أريد أن أرى أحدًا بعدها”.

الخوف والعزلة

تسترجع أمل وجع الطفولة وتكمل حديثها: “قعدت فترة طويلة في البيت، مش بتكلم مع حد، بخاف من الناس، بخاف أسمع أي كلام، أو أشوف أي نظرات، مش عايزة أتوجع تاني.. كنت بهرب من المدرسة إلا وقت الامتحانات، وبرجع بسرعة أقفل على نفسي تاني في البيت.. وفضلت على الحال ده، ومرت سنوات من العزلة والخوف، ووصلت للصف السادس الابتدائي، وأنا طفلة عايشة كمًّا من الوجع لا يتحمله الكبار”.

يعود الحماس مجددا لصوت أمل، تقول:”لكن في المرحلة الإعدادية تغيّر شيء بداخلي، بدأت أعود إلى المدرسة على استحياء، ما زلت خائفة من التعامل مع الآخرين، لكن رغبتي في المحاولة تجددت، كنت أراقب زملائي من بعيد، وأحلم أن أكون مثلهم”.

لحظة غيّرت المسار

تقول: “وفي يوم عادي جدًا بعد أن أنهيت مرحلتي الإعدادية، كنت جالسة في غرفتي بمفردي كالعادة، عندما شاهدت بالصدفة احتفالية قادرون باختلاف على التلفاز، ولم أكن أعلم أن تلك اللحظة ستكون نقطة التحوّل في حياتي كلها”.

سمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي يقول:” إنهم قادرون باختلاف” ، توقفت الكلمات في أذني، شعرت كأنها موجهة لي أنا شخصيًا، تأثّرت جدًا، لدرجة أني خرجت من غرفتي وأنا أحدث نفسي: (إيه ده؟ هو بيتكلم عني؟ هو شايفني وحاسس بكل اللي بمر بيه؟).

أمل محسن تنتظر لحظة لقاء الرئيس السيسي

جلست أتابع الاحتفالية للنهاية، وأنا أرى الرئيس يحتويهم، ويقف معهم، ويقول إن الدولة في ضهر ذوي الإعاقة،  وإنهم جزء منها، في تلك اللحظة قررت أن أغيّر حياتي، شعرت أنني أملك طاقة كبيرة بإمكانها أن تصنع المعجزات، وأن تجعلني أشعر بمكانتي في المجتمع دون الخوف من السخرية أو إيذاء الآخرين”.

تضيف: “التحقت بدبلوم التجارة، وقد واجهتُ صعوبات كثيرة، لكنني لم أستسلم، ثم واصلتُ طريقي والتحقت بكلية التجارة، رغم أن الجميع أكدوا لي أن الكلية صعبة، وأنها غير مناسبة لي، لكن بالإصرار والعزيمة وصلتُ إليها، وحققت ما ظنّوه مستحيلًا”.

نجاحات تضيء الطريق

تقول أمل:”أنا الآن في الفرقة الرابعة، والحمد لله، إنجازاتي تزداد يومًا بعد يوم بفضل الله أولًا، ثم بدعم كل من آمن بي وشجّعني، شاركتُ في افتتاحات رئاسية، والتحقتُ بالأكاديمية العسكرية، حيث حصلتُ على دورات تدريبية، إضافة إلى دورة من إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، كما شاركتُ في برنامج العباقرة قادرون باختلاف، وحصلتُ على شهادة تقدير من جامعتي، والجميل في الأمر أن أساتذتي في الجامعة يحبونني ويقدّرون جهدي، والجميع هناك يعرفني ويدعمني.

واليوم رغم صِغر سني أشارك في زيارات ميدانية تابعة للقوات المسلحة، وفي كل مرة أشعر أن الله عوّضني عن كل لحظة ألم مرّت بي، وأبدلني بها نورًا وقوة.

الحلم الأكبر

تحكي أمل عن حلمها وتقول:” حلمي الكبير الذي ما زلتُ أتمناه من أعماق قلبي، هو أن ألتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأصافحه وأشكره على كلماته التي اخترقت قلبي قبل مسامعي، وغيّرت حياتي، ولأعبّر له عن مدى امتناني له، لمبادرة قادرون باختلاف التي أعادت لي صوتي وإيماني بنفسي من جديد”.

المقالة السابقة
لجنة «إسكان المرأة» تجري القرعة الأولى الخاصة بذوات الإعاقة في الكويت
المقالة التالية
الأولمبياد الخاص الكويتي ينظم «الملتقى الصحي الخامس» لتعزيز وعي الأسر بذوي الإعاقة

وسوم

أمثال الحويلة (18) إعلان عمان برلين (18) اتفاقية الإعاقة (17) الأردن (2) الأنشطة الطلابية (1) الاستدامة (18) التحالف الدولي للإعاقة (19) التشريعات الوطنية (18) التعاون العربي (18) التعليم الدامج (3) التنمية الاجتماعية (18) التوظيف الدامج (18) الحقوق القانونية (1) الدمج الاجتماعي (17) الدمج الجامعي (2) الرئيس السيسي (1) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (17) الكويت (2) المتحف المصري الكبير (2) المجتمع المدني (17) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2) الوطن. (1) تكافؤ الفرص (17) تمكين (1) جامعة القاهرة (1) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (17) حقوق الإنسان (2) دليل الكويت للإعاقة 2025 (17) ذوو الإعاقة (6) ذوو الاحتياجات الخاصة. (17) ذوو الهمم (2) ذوي الإعاقة (2) ذوي الهمم (2) ريادة الأعمال (17) سياسات الدمج (17) شركاء لتوظيفهم (17) قمة الدوحة 2025 (18) كود البناء (19) لغة الإشارة (1) مؤتمر الأمم المتحدة (18) مجتمع شامل (18) مدرب لغة الإشارة (19) مصر (3) منظمة الصحة العالمية (19) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)