.png)
حصلت إسراء البابلي، أول طبيبة أسنان في العالم وُلدت فاقدة للسمع منذ الولادة، على درجة الماجستير، في إنجاز غير مسبوق على مستوى مصر والعالم، فيما يُعد هذا البحث العلمي الأول من نوعه الذي تقدمه طبيبة فاقدة للسمع في تخصص دقيق من مجالات طب الأسنان.
وُلدت إسراء البابلي مصابة بفقدان سمعي عصبي كامل في كلتا الأذنين بنسبة 110/120 ديسيبل، ورغم التحدي الطبي الصعب الذي لازمها منذ الولادة، فإنها لم تستسلم، ونجحت في أن تُصبح أول شخص في العالم يلتحق بكلية طب الفم والأسنان ويحصل على درجة البكالوريوس رغم إعاقتها السمعية، لتصنع من الصمت طريقًا نحو الريادة.
وتمكنت إسراء من إتقان التواصل بالعربية والإنجليزية عبر النطق والكلام، ما مكنها من إدارة عيادتها الخاصة بنجاح كبير، لتؤكد أن غياب السمع لا يمنع الإنجاز بل قد يكون حافزًا له، لتتحول قصتها إلى مصدر إلهام للأجيال الجديدة، وترسخ نموذجًا للقدرة على تجاوز الصعوبات وتحقيق التميز في أدق المجالات العلمية.
وبرز اسم إسراء البابلي على المستوى الدولي عندما أصبحت أول متحدثة صماء في تاريخ الأمم المتحدة، في لحظة وُصفت بأنها نقلة رمزية في تمثيل قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة عالميًا، كما حظيت بتكريمات متعددة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركتها في منتدى شباب العالم، تقديرًا لمسيرتها ومثابرتها، وحصلت على «نوط الامتياز من الطبقة الثانية»، وهو أعلى وسام يُمنح لطلبة الجامعات المصرية، في اعتراف رسمي بإنجازها الاستثنائي.
وتشغل إسراء البابلي حاليًا منصب الأمين العام لنقابة أطباء الأسنان بالقاهرة بعد فوزها في الانتخابات النقابية، لتؤكد أن القيادة لا تحتاج إلى صوت مرتفع بقدر ما تحتاج إلى وعي وقدرة على اتخاذ القرار، واشتهرت بلقب «فاتحة الأبواب الموصدة»، لما تمثله من رمز لتغيير نظرة المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث كرّست مسيرتها للدفاع عن حقوقهم، وتعزيز ثقافة الدمج والاحترام والتقبّل، من خلال مشاركاتها في المؤتمرات الدولية والمحلية وخطاباتها التي تفتح أفقًا جديدًا للفكر الإنساني المتجاوز للإعاقة.
وتمثل قصة إسراء البابلي شهادة حية على أن الإرادة قادرة على أن تصنع المعجزات، وأن الإعاقة لا يمكن أن تُقيد من اختار طريق الكفاح. من طفلة لم تسمع الأصوات إلى طبيبة تقف على منصات التكريم، وكتبت إسراء فصول نجاحها بالصمت والعمل والإيمان. عبر رحلة طويلة أثبتت من خلالها أن الحلم لا يعرف المستحيل، وأن الإصرار هو اللغة التي يفهمها العالم عندما يصمت كل شيء من حولنا.
