كان المسعفون يهرولون لنقل أحد المصابين في طائرة الإسعاف الجوي، إلى مستشفى كينجز كولدج في لندن، لم يكن المصاب مجرد شخص تعرض لحادث مأساوي، إنه دكتور”جيم أشفورث-بيومونت” أحد أبرز الأطباء المتخصصين في الأطراف الصناعية في بريطانيا.
عمل جيم أشفورث على تطوير وتصميم حلول مبتكرة لمرضاه من مبتوري الأطراف لكن في لحظة مفجعة، أصبح هو نفسه واحدا منهم.
في عام 2020، اصطدمت به شاحنة أثناء قيادته دراجة هوائية ما أدى إلى بتر ذراعه اليمنى على الفور، ومنذ تلك اللحظة انقلبت حياته رأسًا على عقب وبدأ رحلة جديدة، هذه المرة من الجانب الآخر للطاولة الطبية.
كان جيم يشغل منصب المدير الإكلينيكي في مركز “ستيبس” المتخصص في إعادة التأهيل بجامعة سالفورد، ويُعرف في الأوساط الطبية بخبرته العميقة ومساهماته في تحسين حياة المرضى الذين يعانون من فقدان الأطراف، لكن ما لم يتوقعه هو أن يصبح هو نفسه “فأر تجارب بشري” على حد تعبيره، في مجال يعرفه أكثر من أي شخص آخر.
خبير الأطراف الصناعية جيم جمع بين خبرة الطبيب والمريض صاحب التجربة، فبعد الحادث رفض جيم القبول بأطراف صناعية تقليدية واتجه نحو خيار رائد لا يزال في مراحله التجريبية: تقنية”الزرع العظمي العصبي” وهي عملية جراحية متقدمة تربط الطرف الصناعي مباشرة بعظم الطرف المبتور، ما يسمح بتحكم عصبي أكثر دقة وسرعة، لم تكن التجربة سهلة، إذ خضع جيم لعدة عمليات جراحية واستغرقت إعادة تأهيله شهورًا طويلة.
يصف جيم رحلته بأنها “اختبار قاسٍ لكنه ضروري” مضيفًا أن هذه التجربة منحته فهمًا أعمق لاحتياجات مرضاه السابقة، واليوم، عاد جيم إلى العمل لكن بنظرة مختلفة تمامًا، فهو لا يكتفي الآن بتقديم النصح لمرضاه، بل يشاركهم الألم والتحديات والتعافي.
تجربة جيم تسلط الضوء على التحولات الكبرى في مجال الرعاية الصحية للأشخاص ذوي البتر، وعلى أهمية أن تُبنى الابتكارات الطبية على تجارب واقعية، كما تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول ضرورة إشراك المرضى أنفسهم أو من مروا بنفس التجربة، في تطوير التقنيات الطبية.
يرى كثيرون في جيم نموذجًا نادرًا للتكامل بين المعرفة النظرية والتجربة الشخصية. وبينما لا يزال المجال بحاجة إلى المزيد من البحث والدعم فإن قصة جيم تقدم بارقة أمل، وتعيد تعريف العلاقة بين الطبيب والمريض وتطرح سؤالًا جوهريًا: من الأفضل لفهم الألم من الذي عاشه فعلًا؟