في عالم الرياضة هناك من يصنع البطولات، وهناك أبطال يلهمون غيرهم، من بين هؤلاء الملهمين محمد سيد عكاشة لاعب تنس الطاولة البارالمبي كلاس 3، واحد من هولاء الذين يضربون المثل في القوة والجلد والتحدى، من فوق كرسيه المتحرك، حول عكاشة كل الأحجار والعوائق التي صادفته في بداية مشواره إلى سلالم، أوصلته إلى القمة.
في حديث خاص تستعرض “جسور” تفاصيل قصة كفاح محمد سيد عكاشة مع إعاقته، ومحطات النجاح والفشل التي خلقت منه بطلا وملهما في رياضة تنس الطاولة.
رحلة محمد في عالم تنس الطاولة بدأت بعد إصابة تعرض لها، والتي كانت سببًا مباشرًا في انتقاله إلى استخدام الكرسي المتحرك، لكنه لم يسمح لذلك أن يكون نقطة نهاية بل بداية جديدة.
يقول عن نفسه: أنا محمد سيد عكاشة، مصري. لاعب تنس طاولة للكراسي المتحركة كلاس 3، أعمل ولدي أسرة هي كل حياتي، زوجتي وأولادي منة وسيف، وقبل كل شيء أبي وأمي، أما رحلتي فقد بدأت بعد إصابتي التي جعلتني أستخدم الكرسي المتحرك، وكنت أبحث عن وسيلة أفرغ بها طاقتي وأثبت لنفسي أن التحدي لا يقف عند الإعاقة، بدأت بتدريبات بسيطة مع فريق مؤسسة الحسن للقادرون باختلاف، وتحت قيادة المدرب والقدوة كابتن خالد عبد السلام، البداية كانت دون أي هدف سوى ممارسة الرياضة فقط ثم تطور الشغف إلى هدف، أن أكون من أفضل اللاعبين في فئتي”.

وعن التحديات واجهها يؤكد: كانت هناك صعوبات كثيرة، منها نقص الإمكانيات وضعف الدعم وقلة الوعي برياضة ذوي الإعاقة، لكن الأصعب كان الصراع الداخلي، أن أثق في نفسي من جديد وأن أؤمن أن النجاح ما زال ممكنًا، وأيضًا صعوبة التوفيق بين العمل والبيت والتدريب، ولكن الحمد لله بالصبر والإصرار، تجاوزت كل ذلك.
وفي حديثنا معه سرد محمد سجل بطولاته التي شارك بها والميداليات التي أحرزها، وهى كالتالي:
- بطولة الجمهورية كلاس 4 (2016): ميدالية برونزية
- بطولة الجمهورية كلاس 4 (2018): ميدالية برونزية
- بطولة الجمهورية لزوجي الرجال (2023) مع مصطفى العربي: ميدالية برونزية
- بطولة الجمهورية للزوجي المختلط (2023) مع اللاعبة علا محمود: ميدالية ذهبية
- بطولة الجمهورية للزوجي المختلط (2024) مع علا محمود: ميدالية فضية
- بطولة الجمهورية كلاس 3: ميدالية فضية
-
البطل البارلمبي محمد سيد عكاشة يحمل كأس إحدى البطولات ويضيف: “أول بطولة شاركت فيها كانت محطة مهمة جدًا، والحمد لله حققت الميدالية البرونزية فيها وتعلمت منها كيف أسيطر على أعصابي، وكانت الشرارة الأولى، ولكن التحول الحقيقي كان في آخر بطولة للجمهورية، عندما حصلت على المركز الثاني في كلاس 3 تفوقت على لاعبين أقوياء وكان من بينهم من هزمني سابقًا، هذه النتيجة أعطتني دفعة معنوية كبيرة وأكدت لي أن القادم أفضل”.
ويحكى البطل البارلمبي عن الأشخاص المؤثرين في مشواره، قائلا: “بالطبع هناك شخصيات عديدة أثرت فيّ، ولكن أبرزهم كان وما زال قدوتي وأخي الأكبر، كابتن خالد عبد السلام اللاعب الأوليمبي الخلوق، وهو أول من علمني اللعبة ودائمًا يغمرنا بحبه ولا يبخل علينا بأي معلومة”.
وعن الفرق بين البطولات العادية والبارالمبية، يقول إن الفرق الأساسي في القوانين والتصنيف، في البطولات البارالمبية يتم تصنيف اللاعبين حسب نوع الإعاقة لضمان تكافؤ الفرص، وهذا بيضيف طابع خاص ومنافسة شريفة، لكنى أود التنبيه والتحذير من أن الدعم الرياضي لذوي الإعاقة في مصر غير كافٍ، ولا يزال أقل من المطلوب، نحتاج رعاية أكثر ومعدات ومدربين متخصصين، وأيضا تغطية إعلامية تحفز الشباب”.

ويشيد محمد سيد عكاشة بدور أسرته في دعمه طوال مشواره بقوله : “أسرتي كان لها دور كبير في مسيرتي، دعمهم النفسي والمعنوي خلق فرقا كبير معي، كنت دائمًا أجد صعوبة في التوفيق بين التدريب والبيت والعمل، ولكن الحمد لله بدعمهم وصبرهم أصبحت ما أنا عليه الآن، والمجتمع بدأ يتحسن تدريجيًا في تقبّل وتمكين ذوي الإعاقة”.
لم يتردد محمد في الحديث عن التحديات التي واجهها، واصفا إياها بتحديات نفسية واجتماعية، خصوصًا في البدايات، ومن أبرز الصعوبات التنقل في المواصلات وبعض الأماكن سواء في التدريب أو الصالات التي تقام فيها البطولات والتى تكون عادة غير مجهزة لمستخدمي الكراسي المتحركة، هذا بالإضافة إلى العبء المادي لممارسة هذه الرياضة”.
وعن رسالته إلى الجيل الجديد من ذوي الإعاقة، يقول: “الإعاقة مش نهاية بالعكس ممكن تبقى بداية لقصة نجاح عظيمة، لا تستسلموا وادخلوا المجال الرياضي، ستجدون نفسكم من جديد. بالتأكيد ستواجهكم صعوبات، لكن لابد من المواجهة، لأن البديل إنك تجلس حبيس البيت دون هدف، عليكم التخطيط لحياتكم ومستقبلكم.،والأمثلة الناجحة كثير، رسالتي واضحة، لا تيأس، الألم مؤقت لكن النجاح دائم، الرياضة ليست فقط وسيلة لتحقيق البطولات لكنها طريق لاستعادة الثقة وتحقيق الذات، لا تنتظر الفرصة، بل اصنعها.
الإعلام أيضًا لم يسلم من انتقاده البنّاء، يقول:”للأسف، التغطية الإعلامية ضعيفة جدًا مقارنة بلاعبي الأولمبياد، وهذا يأثر على نشر الوعي والدعم، نحتاج للتركيز على إنجازاتنا أكثر من ذلك”.
واستطرد عكاشة: “حلمي الكبير الذى أطور نفسي من أجله يوميا هو تمثيل مصر في المحافل العالمية، هدفي هو حصد المركز الأول في بطولة الجمهورية القادمة ثم التأهل دوليًا. أتمنى أن أكون قدوة لأي شاب يبدأ من الصفر. أحلم برفع علم مصر في بطولات عالمية، وأثبت أن الإرادة تهزم أي عائق، وقبل أن اختم لقائي معكم أود أن أشكر كل من دعمني وأهدي هذا النجاح لعائلتي، أمي وزوجتي وأبنائي، وإخوتي.
وأشكر مؤسسة الحسن والقائمين عليها، السيدة مي زين الدين، والمهندس علاء النادي، على دعمهم الموجه ليس فقط للفريق بل لكل مستخدمي الكراسي المتحركة في مصر، هم غيّروا كثير من نظرة المجتمع لذوي الإعاقة”.