نيويورك – جسور- سماح ممدوح حسن
أثار مشهد في حفل افتتاح ألعاب “البارالمبياد” الأخيرة والذى أدى فيه راقصون غير معاقين باستخدام العكازات تقليدًا لحركات الفنان الجنوب أفريقي الشهير موسى موثا، موجة انتقادات داخل مجتمع الفنانين من ذوي الإعاقة الذين وصفوا الفقرة بأنها “غير أصيلة و مؤذية رمزيًا”.
تقول الراقصة والمصممة المقيمة في نيويورك إليزابيث موتلي، وهي من ذوي الإعاقة”أن نرى تمثيلًا سطحياً لمعاناتنا وتجاربنا يُقدم في عرض مسرحي دون أدنى احترام للسياق الإنساني كان أمر صادمًا لنا نحن العاملين في المجال”
وتسلّط هذه الواقعة الضوء على ظاهرة مستمرة في عروض الرقص والمسرح، حيث تُحاكى الإعاقة دون مشاركة فنانين معاقين فعليًا. هذا الأسلوب، كما يرى متخصصونلا يُقصي الفنانين المؤهلين فقط بل يساهم أيضًا في ترسيخ تصورات مغلوطة عن طبيعة الإعاقة ويحوّل الأجهزة المساعدة، كالكراسي المتحركة والعكازات، إلى أدوات تجميلية خارج سياقها الإنساني والاجتماعي.
تقول راكيل ميسجير زافي، المديرة الفنية المشاركة لفرقة Candoco البريطانية، إن “محاكاة الإعاقة دون أن تعيشها فعليًا أمر غير مقبول، ويؤكد أن المجال لا يزال يفتقر للفهم العميق لما يعنيه أن تكون شخصًا معاقًا يعيش تجربته بشكل كامل”.
وترفض الفنانة لوريل لوسون، من فرقة Kinetic Light، الادعاء الشائع بأنه “لا يوجد عدد كافٍ من الفنانين المعاقين” وتؤكد أن هذه الحجج تُستخدم لتبرير إقصاء ذوي الإعاقة. وتضيف “لدينا فنانون مؤهلون وموهوبون، لكن يتم تجاوزهم لصالح راقصين غير معاقين يفتقرون للخبرة الحقيقية”.
كما يشير الراقص والمصمم الأمريكي جيرون هيرمان إلى أن “الخوف من الانخراط الجدي مع قضايا الإعاقة يجعل بعض المخرجين يختارون الطريق الأسهل، أي التمثيل الزائف بدلًا من التمكين الحقيقي”.
ورغم الانتقادات، هناك إشارات لتغير تدريجي في المشهد، فقد شهدت مسرحية “Wicked” الشهيرة على مسارح برودواي مؤخرًا أول أداء لدور “نيساروز” مثّلته فنانة معاقة فعليًا، بعد أكثر من 20 عامًا من تقديم العمل. كما تتجه بعض الفرق مثل Candoco إلى إسناد مهام الإخراج والتأليف لفنانين من ذوي الإعاقة أنفسهم، ما غيّر نوعية القصص والرسائل المطروحة على المسرح.
لكن التحديات ما زالت كبيرة. فالحصول على التمويل والدعم الفني وتوفير التدريب، لا يزال معقدًا أمام الفنانين المعاقين ما يدفع كثيرين منهم إلى الانسحاب مبكرًا بسبب الإرهاق.
وتختم أليس شيبرد، مؤسسة Kinetic Lightوتقول”ليس الهدف أن نضع شخصًا معاقًا على المسرح وحسب، بل أن نمكّنه من صياغة العمل وتحديد لغته الفنية. المعرفة التي نحملها في أجسادنا،من التدريب أو من الشارع ، لا يمكن تقليدها. إنها جوهرية ومقدّسة”.