دعوة لدمج الوصف الصوتي في الإعلانات التجارية من أجل المكفوفين

رغم أن الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر يشترون المنتجات مثل غيرهم من المبصرين، إلا أن المعلنين تجاهلوا هذه الفئة لفترة طويلة، فصُممت أغلب الإعلانات اعتمادًا على الصورة وحدها.

اليوم، بدأ ت  الشركات في تصحيح هذا الخلل عبر تطوير إعلانات شاملة، تراعي سهولة الوصول وتدمج الأوصاف الصوتية بوصفها جزءًا أصيلًا من التجربة البصرية.

في هذا السياق، قدّم خبيران من جامعة ولاية ميشيجان بالولايات المتحدة الأمريكية هما الدكتور خوان مونديل والدكتور إد تيمكي، رؤى بحثية متقدمة حول كيفية جعل الإعلانات أكثر شمولًا وعدلاً تجاه المكفوفين وضعاف البصر.

ترجمة المرئيات إلى كلمات

يقول مونديل، أستاذ الإعلان والعلاقات العامة المشارك في الجامعة، وأحد مؤلفي دراسة بعنوان «ترجمة المرئيات إلى كلمات: تحليل للوصف الصوتي في الإعلانات الموجهة للمكفوفين وضعاف البصر»، إن الفريق البحثي وجد أن معظم الإعلانات تستخدم وصفًا صوتيًا محايدًا وجافًا، يفتقر إلى العاطفة التي تميّز الصورة البصرية في الإعلان.

وأوضح أن «الراوي في كثير من الإعلانات يلتزم بالموضوعية المفرطة، في حين يعتمد الإعلان بطبيعته على المشاعر لتحفيز المستهلك ودفعه نحو الشراء».

وأشار إلى أن هذا الأسلوب يجعل المستهلك الكفيف أو ضعيف البصر مضطرًا لتخيّل المشهد دون مساعدة حقيقية من الوصف الصوتي.

وأضاف مونديل أن بعض الإعلانات كانت ثقيلة لغويًا أو مليئة بالمعلومات غير الضرورية، ما يصعّب على المستهلكين ذوي الإعاقات البصرية اتخاذ قرار الشراء.

وأوصى بأن يكون الوصف الصوتي جزءًا من عملية الإبداع الإعلاني منذ بدايتها، ضمن مفهوم «التصميم الشامل» الذي يُبنى على فكرة أن الإعلان يجب أن يكون متاحًا لجميع الفئات منذ مرحلة التخطيط، لا أن يُضاف لاحقًا بشكل تجميلي.

سوق ضخم يُتجاهل المكفوفين 

من جانبه، أوضح الدكتور إد تيمكي، أستاذ الابتكار وريادة الأعمال في مجال الإعاقة بالجامعة نفسها، أن هذه الدراسة تسلّط الضوء على قضية نادرًا ما يتم الحديث عنها في عالم الإعلان.

وقال: «الوصف الصوتي ليس تقنية جديدة تمامًا، لكنه لا يزال مجهولًا لدى كثير من المعلنين، رغم أنه يتيح تجربة حسية غنية لم تكن ممكنة من قبل»

وأشار إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية لديهم رغبة حقيقية في التفاعل مع الإعلانات وشراء المنتجات مثل أي مستهلك آخر، موضحًا أن سوق الأشخاص ذوي الإعاقات يُقدّر عالميًا بنحو 500 مليون دولار سنويًا، ومع ذلك يتم تجاهله في كثير من الاستراتيجيات التسويقية.

وأضاف: «الإعلان ليس مجرد وسيلة للبيع، بل هو فن يعكس المجتمع الرأسمالي، فلماذا لا نتيح للجميع فرصة المشاركة في هذا الفن والإبداع؟»

كيف نحكي الصورة صوتًا؟

يؤكد مونديل أن العلامات التجارية التي تعتمد بشكل مفرط على العناصر البصرية تحرم المكفوفين من المعلومات التي يحتاجونها لتقييم المنتجات.

واستشهد بإعلانات واقعية، منها إعلان لشركة Procter & Gamble لمنتج Febreze، حيث ظهرت ثلاث عبوات مختلفة من المنتج، لكن الوصف الصوتي اكتفى بذكر اسم العلامة التجارية فقط دون تحديد الأنواع الثلاثة.

وفي إعلان آخر، اكتفى الوصف الصوتي بذكر أن الشخصيتين «أمهات اثنتان»، دون تقديم أي تفاصيل تُسهم في بناء صورة ذهنية واضحة.

وقال مونديل: «الشمولية الحقيقية لا تتحقق إلا حين تُشرك العلامات التجارية الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر في مراحل التصميم والاختبار منذ البداية، لضمان أن تنقل الأوصاف الصوتية الرسالة بدقة ودفء إنساني»

الإعلانات كأداة توعية مجتمعية

ويضيف مونديل أن الإعلان يفقد جوهره حين يشعر المتلقي أن المنتج «ليس موجهًا له»، معتبرًا أن غياب الوصف الصوتي الجيد لا يحجب المعلومة فقط، بل يعمّق الإقصاء الاجتماعي.

ويرى أن الوصف الصوتي يمكن أن يكون أداة لتغيير الوعي، لأنه لا يخاطب المكفوفين وحدهم، بل يعرّف المجتمع بتجربتهم الحسية ويُسهم في نشر ثقافة التمثيل والاندماج.

أما تيمكي، فيؤكد أن المعلنين يستطيعون المساعدة في تغيير نظرة المجتمع للإعاقة من كونها «نقصًا» إلى كونها «قيمة إنسانية».

ويقول: «الإعاقة ليست عيبًا، بل هي ميزة تثري تنوع العالم وتجعل التجربة الإنسانية أكثر ثراء وجمالًا»