تجويع وحصار، وجرائم قتل جماعي تطال المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن، واستهداف للمرضى والكوادر الطبية داخل المستشفيات، مع استمرار موجات النزوح… لتواصل مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، انزلاقها إلى هاوية إنسانية لا يُعرف إلى أين ستنتهي.
وفي خضم هذه المأساة، يواجه الأطفال والبالغون ذوو الإعاقة مخاطر إضافية، لكن حجم المأساة الحقيقية يظل مجهولاً، بسبب نقص المعلومات، وعدم وجود إحصاء ميداني موثوق ورصد منظم لتعداد الأشخاص ذوي الإعاقة وتصنيف إعاقاتهم.
منظمة الصحة العالمية من جانبها أكدت مقتل المئات داخل المستشفى السعودي للأمومة، في الفاشر، في عمل وصفته بـ«المروع»، مشيرةً إلى انهيار النظام الصحي وانتشار الأمراض ونقص الغذاء والماء، بينما تتواصل موجات نزوح داخل وخارج الولاية.
هذه المعطيات تنذر بخطر مضاعف على الفئات الأضعف، ومن بينهم ذوو الإعاقة، لكن البيان لا يقدم بيانات مفصلة عن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة أو أنواع الإعاقات داخل الفاشر.
من جهة أخرى، تشير تقارير اليونيسف وسائر الجهات الإنسانية إلى أرقام إقليمية ووطنية للتدهور الإنساني (مثل أعداد الأطفال المحاصرين وارتفاع حالات سوء التغذية)، إلا أنها تؤكد أيضاً محدودية المعلومات التفصيلية بشأن الأطفال ذوي الإعاقة في مناطق النزاع، بما في ذلك الفاشر.
بمعنى آخر، ثمة بيانات عن أعداد النازحين والمتأثرين، لكن لا توجد إحصاءات ميدانية حديثة ومفصلة تبين عدد ذوي الإعاقة، توتصنيف الإعاقات (حركية، بصرية، سمعية، إدراكية/ذهنية)، أو احتياجاتهم الخاصة داخل الفاشر.
هذه الثغرة ليست مجرد قصورٍ تقني، في أوقات النزاع تصبح غياب البيانات سببًا مباشراً في فقدان الوصول والخدمات.
ذوو الإعاقة قد لا يكونون مدرجين في قوائم النازحين، قد تغلق أمامهم الممرات، وقد تلغى برامج تغذية واستجابة طبية لا تراعي احتياجاتهم، وهو ما يضاعف نسبة التعرض للمرض والوفاة.
لذا فإن أي خطة إغاثة لا تتضمن فحصًا ميدانيًا مفصلًا حسب الإعاقة ستفشل في الوصول إلى شريحة كبيرة من هذه الفئة الأكثر ضعفا وهشاشة.
ذوو الإعاقة في الفاشر.. كيف ننقذ أرواح الأبرياء
إنقاذ أرواح ذوي الغعاقة في الفاشر يتطلب إطلاق تقييم ميداني عاجل ومشترك (Multi-sectoral rapid needs assessment) يضمّ مؤشرات مفصلة عن الإعاقة (العدد، العمر، نوع الإعاقة، احتياجات الحماية والرعاية الطبية والتعليمية).
واعتماد آليات تسجيل واستجابة تفصل بين النازحين ذوي الإعاقة وغيرهم، مع ضمان وصول أوليّ للمساعدات المقننة (مستلزمات طبية، معدات مساعدة، ممرات إخلاء مُيسّرة). ثم نشر بيانات دورية شفافة ومفصّلة حتى يتمكن الصحفيون ومنظمات المجتمع المدني من مراقبة تنفيذ الالتزامات وحماية الحقوق.
ذوو الإعاقة في خطر مستمر
في غياب هذه الخطوات، سيظل ذوو الإعاقة في الفاشر، الذين نعرف من التجارب الإنسانية أنهم أكثر تهميشاً في أوقات الحرب، مختفين عن الخرائط، ويموتون دون رصد معاناتهم.
المنظمات الدولية تحذّر من الانهيار المستمر للنظام الصحي وتدعو إلى فتح ممرات إنسانية فورية، لكن النداء لن يكون كافياً، ما لم يترجَم إلى بيانات وإجراءات تستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل محدد.


.png)


















































