في زمنٍ تتزايد فيه الدعوات إلى الاعتراف بما يُعرف بـ«الإعاقات غير المرئية» مثل الاضطرابات النفسية والقلق والاكتئاب، تؤكد فرقة The Aces الأمريكية أن الفن يمكن أن يكون أحد أهم أشكال العلاج والدعم النفسي للفنانين أنفسهم.
وفي مقابلة حديثة خلال مشاركتهن في مهرجان «All Things Go D.C.» بالعاصمة الأمريكية واشنطن، تحدّثت عضوات الفرقة عن تجربتهن في مواجهة الإرهاق والضغط الذهني المصاحب لحياة الجولات الفنية، مؤكدات أن «الاعتناء بالصحة النفسية ليس رفاهية، بل ضرورة تمسّ كل فنان».
تقول المغنية الرئيسية كريستال راميريز: «الشهرة والسفر المستمر يمكن أن يسببا عزلة من نوعٍ آخر. نحب الغناء والسفر ولقاء جمهورنا، لكننا أحيانًا نفقد إحساسنا بالذات وسط كل هذه الحركة. لذلك نحاول تخصيص ساعة كل يوم لنكون بمفردنا – نكتب، نقرأ، نتأمل، أو نصمت قليلاً. هذا ما يُبقينا متوازنين».
ويرى مراقبون في تصريحات الفرقة تعبيرًا صادقًا عن تنامي الوعي لدى الفنانين الشباب بأهمية الصحة النفسية كجزء من مفهوم الإعاقة، خصوصًا أن كثيرين حول العالم يعانون من اضطرابات خفية تؤثر على حياتهم اليومية دون أن تُرى.
تأسست الفرقة عام 2008 في ولاية يوتا على يد الأختين كريستال وأليسا راميريز وصديقتيهما ماكينا بيتي وكاتي هندرسون. بدأت كأربع فتيات يجتمعن في مرآب صغير للعزف والغناء، قبل أن تتحول إلى مشروع موسيقي عالمي يمزج بين الطاقة الإيجابية والهوية النسوية والوعي الذاتي.
تقول كريستال إن عمل الفرقة تطوّر مع تطوّر وعيها بذاتها: «أردنا أن نخلق موسيقى تشبهنا، فيها رقص وفرح، لكنها أيضًا تحكي عن الألم، عن الخوف، وعن محاولاتنا للنجاة من الإرهاق الذهني».
أما الألبوم الأخير «Gold Star Baby»، فيحتفي بالديسكو العصري والإيقاعات اللاتينية، ويعكس رغبة الفرقة في تحويل الموسيقى إلى مساحة للحرية والشفاء.
وتتحدث أليسا راميريز عن الجولات العالمية قائلة: «أحيانًا نفقد إحساسنا بالزمن. ننام في مدينة ونستيقظ في أخرى. هذا جميل لكنه مرهق ذهنيًا، لذلك نصنع لأنفسنا روتينًا صغيرًا: نزيّن أسرّتنا في الحافلة، نحمل وسائدنا الخاصة، نمارس التأمل، ونضحك كثيرًا».
وتضيف ضاحكة: «أفضل ما في الأمر أننا نقبل أن حياة الجولة غريبة، ولا نحاول جعلها طبيعية. عندما تتقبّل غرابتها، تصبح أسهل وأجمل».
وتشير تقارير فنية أمريكية إلى أن حديث The Aces يعكس موجة جديدة من الوعي داخل صناعة الموسيقى، إذ بات الفنانون يتحدثون بصراحة عن الإرهاق الذهني كأحد أشكال الإعاقة غير المرئية، ويطالبون بتوفير بيئات عمل تراعي الصحة النفسية.
وفي ختام اللقاء، عبّرت الفرقة عن امتنانها لجمهورها حول العالم، مؤكدة أن «الموسيقى بالنسبة لنا ليست مجرد مهنة، بل وسيلة شفاء. نحن نغني لأننا نريد أن نبقى بخير، ولأننا نريد أن يشعر الآخرون بأنهم ليسوا وحدهم».
ما هي الإعاقات غير المرئية؟
الإعاقات غير المرئية هى مجموعة من الاضطرابات أو الحالات الصحية التي لا تظهر على الشخص من الخارج، لكنها تؤثر بعمق في قدرته على التعلم أو التواصل أو العمل أو ممارسة الحياة اليومية.
وتشمل هذه الإعاقات اضطرابات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، إلى جانب حالات الإجهاد المزمن واضطرابات طيف التوحّد وصعوبات التعلم والصرع وبعض الأمراض العصبية.
ورغم أن أصحاب هذه الإعاقات لا يُظهرون علامات جسدية واضحة، فإنهم يواجهون تحديات حقيقية في التركيز والتفاعل والقدرة على التكيّف، ما يجعلهم عرضة لسوء الفهم أو الوصم الاجتماعي.
ويؤكد خبراء التربية والدمج أن الاعتراف بهذه الحالات كأشكال من الإعاقة خطوة ضرورية لضمان تكافؤ الفرص والدعم النفسي والتربوي، باعتبار أن الإعاقة ليست دائمًا مرئية للجميع، لكنها حقيقية تمامًا لمن يعيشها.


.png)


















































