قادة لا ضحايا.. 4 قصص ملهمة عن التعايش مع الإعاقة

قادة لا ضحايا.. 4 قصص ملهمة عن التعايش مع الإعاقة

المحرر: محمود الغول - مصر
سوهانا وأختها الكبرى شهرين

غالبا ما نستمع إلى القصص تكي عن انتصارات سريعة وتحديات تهزم بسهولة، بينما يكمن الجمال الحقيقي في الروايات التي لا تخشى التعقيد، إنها قصص لا تدور حول التغلب على الإعاقة، بل عن التعايش معها؛ رحلة يومية من الصمود، حيث تنسج خيوط الحياة بتفاصيلها الدقيقة.

هذه ليست حكايات عن العجز، بل عن القوة التي تتشكل في لحظات الضعف، والإبداع الذي يولد من رحم القيود، إليكم قصص من الواقع لا تهدف إلى إثارة الشفقة، بل إلى الإلهام والتقدير.. حيث نافذة نطل منها على عوالم موازية، حيث يواجه أصحابها عواصف ثلجية بإرادة لا تلين، ويشاركون في سباقات الحياة رغم كل الحواجز، ويحولون الوصمة إلى وقود للإنجاز.

هذه حكايات عن أشخاص قرروا أن يكتبوا سطورهم الخاصة، لا أن يتركوا الإعاقة تكتبها عنهم، إنها قصص تذكرنا أن القوة الحقيقية تكمن في قبول الذات، وأن التعايش هو شكل من أشكال الانتصار.

عاصفة ثلجية تختبر الإرادة

تذكر نيكول شيرون عاصفة شتوية نادرة اجتاحت بورتلاند في عام 2008، حيث حاصرت الثلوج المدينة لأكثر من أسبوع، بالنسبة للكثيرين، كانت تلك الأيام مجرد إزعاج عابر، فرصة للاسترخاء في المنزل لكن بالنسبة لنيكول، كانت تلك الأيام الثمانية تشكل تهديدا وجوديا.

ولدت نيكول بضمور العضلات الشوكي، وهو مرض يجعل عضلاتها ضعيفة لدرجة أنها تعتمد على كرسي متحرك ورعاية كاملة على مدار الساعة، أن تكون وحيدة في تلك الظروف لم يكن خيارا.

لكن نيكول لم تستسلم وبفضل تدريبها في برنامج «استعد الآن» تعلمت أن تكون مستعدة لكل طارئ، قبل العاصفة أعدت خطتها الاحتياطية إذ اتصلت بمقدمي الرعاية المقيمين بالقرب منها، وتأكدت من توفر مولد كهربائي، وبطاريات مشحونة لكرسيها المتحرك، وإمدادات تكفي لأسبوع كامل.

تقول نيكول: «هذا التدريب أظهر لي أنني أستطيع القيام بأكثر مما يتخيله أي شخص آخر في الأزمات». لم تكن مجرد ناجية من العاصفة، بل كانت بطلة معركة التخطيط والإرادة، مؤكدة أن الإعاقة لا تعني العجز، بل تتطلب استعدادا مضاعفا.

جيري.. حياة لا تحددها إعاقة

على الجانب الآخر من الولايات المتحدة، يروي جيري قصة أخرى من الصمود، ففي الثالث من ديسمبر عام 1976، وهو اليوم الذي تحول لاحقا إلى اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، تغيرت حياة جيري للأبد عندما صدمه سائق مخمور، ليصاب بشلل نصفي جزئي، لكن هذه الإعاقة لم تحدد من هو، بعد أكثر من 35 عاما، لا يزال جيري، الأب لأربعة أطفال، يعيش حياة طبيعية بالكامل، ويدير أعماله، وينافس ويدرب في العديد من الألعاب الرياضية، بل وشارك في ماراثون بوسطن.
«هناك الكثير من الأشياء التي أستطيع فعلها، وبعض الأشياء التي لا أستطيع فعلها»، يقول جيري بهدوء، لكنه يعترف أن التحدي الحقيقي يكمن في نظرة المجتمع.

لقد واجه حواجز لا حصر لها، بدءا من أخصائيي إعادة التأهيل الذين «لم يتمكنوا من رؤية ما بعد إعاقتي»، وصولا إلى الموظفة في المحكمة التي سألته «مع من أنت هنا؟» عندما رأت كرسيه المتحرك. لكن جيري يظل صامدا، ويطلب شيئا واحدا من العالم: «لا أتوقع أن يدور العالم حولنا. أنا سأتأقلم.. فقط اجعلوا الأمر ممكنا لي».

جاستن.. الانتصار على الوصمة

قصة جاستن، الذي شخص الأطباء حالته ببأنها اضطراب نقص الانتباه في سن الخامسة، هي قصة عن الإيمان بالذات في وجه التوقعات السلبية، فقد قيل لوالديه إنه قد لا يتخرج حتى من المدرسة الثانوية.

ومع مرور السنوات، أضيف تحد جديد إلى حياته، مرض «مينيير» الذي أثر على سمعه وتوازنه، كانت تلك الإعاقات الجسدية والنفسية بمثابة عقبات أمام طموحاته المهنية، فكانت الوصمة الاجتماعية حاضرة في كل مكان.

لكن جاستن لم يسمح لهذه التجارب أن تكسره، بدلا من ذلك، كانت حافزا له ليعود إلى الدراسة ويحصل على شهادة في إدارة الأعمال، ورغم استمرار التمييز، وجد جاستن في النهاية مكانه في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، هناك، لم تكن إعاقاته عائقا، بل كانت جزءا من هويته التي رحب بها زملاؤه.، قصص مثل قصة جاستن تذكرنا بأن التوظيف والصحة مرتبطان.

سوهانا.. بداية مبكرة لنجاح دائم

بالنسبة لسوهانا بدأ الانتصار قبل أن تولد، فقد لاحظ عمها أن أختها الكبرى شهرين تعاني من ضعف في السمع، مما دفع العائلة إلى إجراء فحص سمع لها. وبفضل هذا التشخيص المبكر، خضعت سوهانا لفحص سمع عند الولادة واكتشف أنها تعاني أيضا من ضعف السمع، أتاح لهما هذا الكشف المبكر الوصول إلى خدمات التأهيل والدعم من فريق من الأطباء والمعالجين.

«ما كان بإمكاني الوصول إلى ما وصلت إليه لولا دعم وصبر والدي»، هكذا تقول سوهانا، التي تعمل اليوم كخبيرة في الأوبئة في برنامج الكشف المبكر عن السمع والتدخل التابع لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها. بفضل عملها، تضمن سوهانا أن يحصل الأطفال الآخرون على نفس الفرصة التي حصلت عليها هي وأختها، قصتها هي شهادة حية على أن التدخل المبكر ليس مجرد خدمة طبية، بل هو استثمار في مستقبل أطفال يمكنهم أن يصبحوا قادة ومنتجين في مجتمعهم.

إن قصص نيكول وجيري وجاستن وسوهانا ليست مجرد حكايات عن التغلب على الصعاب، بل هي دروس في الإنسانية، إنها تذكير بأن القوة الحقيقية لا تكمن في غياب التحديات، بل في كيفية مواجهتها. إنهم يثبتون للعالم أن الحياة مع الإعاقة ليست نهاية المطاف، بل يمكن أن تكون بداية لمسارات لم يتخيلها أحد، مسارات مليئة بالصمود، والكرامة، والأمل.

المقالة السابقة
محافظة أسيوط تنظم رحلة نيلية للأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم 
المقالة التالية
خبراء ينتقدون وصف «أصحاب العاهات» في تعديلات قانون ذوي الإعاقة بمصر

وسوم

أصحاب الهمم (44) أمثال الحويلة (389) إعلان عمان برلين (392) اتفاقية الإعاقة (533) الإعاقة (85) الاستدامة (801) التحالف الدولي للإعاقة (777) التشريعات الوطنية (596) التعاون العربي (410) التعليم (45) التعليم الدامج (39) التمكين الاقتصادي (58) التنمية الاجتماعية (797) التنمية المستدامة. (53) التوظيف (40) التوظيف الدامج (698) الدمج الاجتماعي (609) الدمج المجتمعي (114) الذكاء الاصطناعي (61) العدالة الاجتماعية (53) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (400) الكويت (59) المجتمع المدني (790) الولايات المتحدة (47) تكافؤ الفرص (790) تمكين (51) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (500) حقوق الإنسان (58) حقوق ذوي الإعاقة (73) دليل الكويت للإعاقة 2025 (367) ذوو الإعاقة (102) ذوو الاحتياجات الخاصة. (764) ذوي الإعاقة (331) ذوي الهمم (43) ريادة الأعمال (380) سياسات الدمج (777) شركاء لتوظيفهم (375) قمة الدوحة 2025 (425) كود البناء (369) لغة الإشارة (40) مؤتمر الأمم المتحدة (329) مجتمع شامل (784) مدرب لغة الإشارة (578) مصر (35) منظمة الصحة العالمية (598)