كاليفورنيا تتجه لاستخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة ذوي الإعاقة

كاليفورنيا تتجه لاستخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة ذوي الإعاقة

المحرر: سماح ممدوح حسن-أمريكا

يشهد العالم تحولًا جذريًا في كيفية دمج التكنولوجيا في حياة ذوي الإعاقة، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية لإزالة الحواجز التي طالما أعاقت مشاركتهم الكاملة في المجتمع.

وفي ولاية كاليفورنيا الأمريكية، التي تُعد من أبرز مراكز الابتكار في العالم، تتسارع الخطوات نحو استخدام الذكاء الاصطناعي لتوسيع نطاق الوصول وتحقيق العدالة وتحسين جودة الحياة لما يقرب من أربعة ملايين شخص من ذوي الإعاقات الجسدية أو الذهنية.

وعود الاستقلال ومعارك الحياة اليومية

لطالما واجه الأشخاص ذوي الإعاقة صعوبات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية أو في تحقيق الاستقلال في حياتهم اليومية. فارتفاع التكاليف ونقص الموارد وأنظمة الدعم التقليدية غير المحدثة، كلها عوامل جعلت تحقيق الاستقلال الشخصي حلمًا بعيد المنال للكثيرين.

ويشير الدكتور فيكتور سانتياجو بينيدا، الباحث في مركز المعيشة المستقلة في مدينة بيركلي الأمريكية، إلى أن «الذكاء الاصطناعي بدأ يغيّر هذا الواقع جذريًا». ويضيف أن هذه التكنولوجيا، إذا صُممت بعقلية شمولية تراعي الاحتياجات المختلفة، يمكن أن تصبح «أقوى أداة لتحقيق المساواة في العصر الحديث»

من أدوات مساعدة إلى شريك في الحياة اليومية

من أبرز الأمثلة التي يوردها بينيدا على التطور الهائل في هذا المجال، تقنية التعرّف على الصوت التي طُورت في الأصل لمساعدة ذوي الإعاقات الحركية أو البصرية على التواصل، قبل أن تتحول لاحقًا إلى أدوات يستخدمها الجميع يوميًا مثل سيري و أليكسا.

هذه التقنيات، التي كانت في بداياتها موجهة لفئة محددة، أصبحت الآن من ضرورات الحياة العصرية، وهو ما يعكس كيف يمكن للابتكار الموجه للإتاحة أن يفيد المجتمع بأكمله.

ويضيف بينيدا أن تصميم أي تكنولوجيا يجب أن ينطلق من تجربة المستخدم، وأن يضع في الاعتبار احتياجات الأشخاص الذين يواجهون التحديات الأكبر:

«واحد من كل أربعة أمريكيين سيُصاب بإعاقة في مرحلة ما من حياته»، ما يعني أن تحسين الوصول ليس رفاهية، بل ضرورة إنسانية واقتصادية أيضًا.

تحديات قائمة وتمييز غير مرئي

ورغم الإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي، يحذر الخبراء من أن غياب الاستثمار الموجّه والسياسات الذكية قد يؤدي إلى توزيع غير عادل لفوائده. فعلى الصعيد الوطني في الولايات المتحدة، ما زالت العديد من الخدمات المخصصة لذوي الإعاقة تعاني من نقص التمويل أو من غياب البنية التحتية الأساسية.

وفي كاليفورنيا تحديدًا، تزداد الفجوة بين ذوي الإعاقة وغيرهم بسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والسكن، إضافة إلى الحواجز التي تحدّ من فرص العمل.

أما في المناطق الريفية والمجتمعات منخفضة الدخل، فتبدو هذه الفوارق أكثر حدة، مما يجعل الكثيرين عاجزين عن المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

ويشير بينيدا إلى أن هذه العقبات، ما لم تُزال، ستستمر في حرمان الأطفال من التعليم الجيد، والآباء من العمل المستدام، والبالغين من حياة كريمة ومستقلة، وهو ما يفرض أثمانًا باهظة وطويلة الأمد على الأسر والمجتمع ككل.

تقنيات التعلم الآلي لتتبع تقدم المرضى

على الرغم من هذه التحديات، بدأت كاليفورنيا بالفعل في قيادة موجة جديدة من الابتكار الإنساني. فالشركات الناشئة هناك تدمج سهولة الوصول في تصميم منتجات الذكاء الاصطناعي.

في سان دييجو مثلًا، يستخدم الأطباء تقنيات التعلم الآلي لتتبع تقدم المرضى، وتخصيص خطط علاجية، وتذكيرهم بالمواعيد الطبية.

وفي بيركلي، يختبر مركز المعيشة المستقلة أدوات رقمية تمكّن الأشخاص من إعداد خططهم الخاصة للعيش المستقل والحصول على الدعم دون الحاجة إلى المؤسسات التقليدية.

من التشخيص المبكر إلى المعيشة الذكية

تشهد الرعاية الصحية أيضًا ثورة بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها اكتشاف العلامات المبكرة للإعاقات النمائية أو الذهنية، مما يساعد العائلات على الاستعداد بشكل أفضل وتوفير دعم مبكر لأطفالهم.

وفي المنازل، تظهر تطبيقات مبتكرة مثل الأجهزة القابلة للارتداء ذات الإحساس اللمسي، وبرامج الترجمة الفورية النصية، والمساعدين الافتراضيين الذين يساعدون الأفراد على تنظيم حياتهم اليومية، مما يمنحهم مزيدًا من السيطرة والاستقلالية.

نحو إعادة تخيّل أنظمة الرعاية

يشدد بينيدا على أن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على تحسين جودة الحياة، بل يمكنها أن تعيد صياغة أنظمة الرعاية بالكامل، لتصبح أكثر استدامة وإنسانية.

ويضيف: «الفرصة أمامنا ليست مجرد تبنّي تقنيات جديدة، بل إعادة تخيّل أنظمة الرعاية نفسها. عندما يُطوّر الذكاء الاصطناعي ويُستخدم بمسؤولية، يمكنه أن يصبح معيارًا وطنيًا جديدًا في دعم الوصول، وتعزيز العدالة، وتأكيد حق كل شخص في العيش والعمل والمشاركة الكاملة في مجتمعه»

ومع تصاعد النقاشات حول تخفيضات الإنفاق على الرعاية الصحية في أمريكا، يرى بينيدا أن كاليفورنيا أمام فرصة تاريخية لتقود التحول نحو نموذج جديد للرعاية قائم على الابتكار والكرامة الإنسانية.

فالذكاء الاصطناعي لا يجب أن يكون مجرد أداة تكنولوجية، بل رافعة للعدالة الاجتماعية، تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة أن يعيشوا حياة أكثر استقلالًا ومشاركة، وتضع نموذجًا يحتذى به في باقي الولايات الأمريكية، وربما العالم.

المقالة السابقة
العمل ببرنامج «الشمول المهني» بدلا من «خدمات ذوي الإعاقة» في أستراليا
المقالة التالية
«الحويلة»: زيارة حاكمة طوكيو للجمعية النسائية تؤكد عمق العلاقات الكويتية – اليابانية

وسوم

أمثال الحويلة (26) إعلان عمان برلين (26) اتفاقية الإعاقة (25) الأردن (4) الإعاقة (3) الاستدامة (28) التحالف الدولي للإعاقة (29) التشريعات الوطنية (28) التعاون العربي (28) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التنمية الاجتماعية (28) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (27) الدمج الاجتماعي (26) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (26) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (3) المجتمع المدني (26) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) تكافؤ الفرص (27) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (26) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (25) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (26) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (28) سياسات الدمج (28) شركاء لتوظيفهم (29) قمة الدوحة 2025 (30) كود البناء (31) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (31) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (31) مدرب لغة الإشارة (32) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (32) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)