كل لبيب بالإشارة يفهم.. الإماراتية عائشة الحوسني شرطية ومحكمة شطرنج

كل لبيب بالإشارة يفهم.. الإماراتية عائشة الحوسني شرطية ومحكمة شطرنج

المحرر: سحر شيبة - الإمارات
عائشة الحوسني

لا تروى كل البطولات بصوت صاحبها، فبعضها لا يقال، مصداقا لمقولة  “أفعال لا أقول”  تمارس عائشة الحوسني دورها في حياتها الخاصة والوظيفية بيقين راسخ وهزيمة لا تهتز، وكونها امرأة صماء لم يحل ذلك دون تحققها وظيفيا، فحققت نجاحا باهرا رغم قيود الإعاقة.

كسرت عائشة جدران الإعاقة لتروي قصة نجاحها بلغة الإشارة، كانت طفلة مختلفة عن أقرانها حتي في الحلم ، ففي الوقت الذي كانت  الصغيرات يحلمن بفساتين منسوجة بالورود، كانت عائشة تحلم بزي الشرطة، تري نفسها صاحبة هوية ومسؤولية وطنية.

كان والدها هو السند الأول، آمن بقدراتها، ورفض أن يغلق عليها أبواب الحياة، بدافع الخوف أو الحب، بل دفعها نحو تحقيق حلمها في أن تكون امرأة مميزة ، أما والدتها فرحلت عن الدنيا مبكرا.

تكريم عائشة الحوسني
تكريم عائشة الحوسني

وبمرور الأيام أصبح الحلم حقيقة، وأنضمت لشرطة دبي،  تحديدا الإدارة العامة للمرور، حيث قضت أكثر من 27 عامًا من العطاء والتأثير في المجتمع بلغة الإشارة، كانت أول من استخدم لغة الإشارة في حملات السلامة المرورية، وقدّمت محاضرات للأطفال والكبار في المدارس والمحاكم ومراكز الشرطة، وتحوّلت من موظفة إلى منسّقة برامج وفعاليات، تبني الخطط، وتضع الرسائل، وتلمس القلوب بلغتها الخاصة ، وبعد أن كانت تحلم بأن تصبح ضمن أفراد الشرطة صارت من رموزها .

لم تتوقف عائشة الحوسني عند التفوق العملي، بل تفوقت حتي في هوايتها التي كانت أيضا مختلفة ، اختارت عائشة لعبة الشطرنج لأنها لعبة تشبهها ، لا يصنع فيها النجاح بالصوت، بل بإعمال العقل وقرأة الحياة بصمت .

تقول عائشة الحوسني لـ جسور :” في نادي دبي لأصحاب الهمم، اخترت لعبة الشطرنج، ولأنني اتفاني في العطاء لكل ما أحب حتي هوايات، تفوقت في لعبة الشطرنج، حتي صرت مدربة، ثم حكمة دولية، وقدت الفريق النسائي للصم إلى بطولات داخلية وخارجية، لم يكن هدفي فقط التتويج، بل أن أزرع في كل فتاة صماء يقينًا بأن الفكر أقوى من القيود، وأن الرياضة ليست لمن يسمع، بل لمن يعى”.

عائشة الحوسني تمارس مهام عملها

لم تكتفِ عائشة بالنجاحات الشخصية، بل صمّمت على تمكين غيرها، فأنشأت فرقًا رياضية نسائية، وقدّمت ورش عمل ودورات تدريبية للصم والجهات المختلفة، لتُرسّخ حضور المرأة الصماء كقائدة لا كمستقبِلة للعطف، ولأنها امرأة ترسخ هويتها بكل الطرق ، ففي قلب المعارض التراثية كانت تُبدع في صناعة الدخون والعطور، تمزج المسك بالعود والعنبر ، وخلال مسيرتها، حصلت على جائزة “الجندي المجهول” أربع مرات، وتلقت تكريمًا رسميًا من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكرّمتها الإمارات في مجالات الرياضة والتعليم والتوعية المجتمعية، لتُصبح رمزًا يُحتذى به في الداخل والخارج .

تحلم عائشة اليوم أن تكون لغة الإشارة حاضرة في كل مؤسسة، في الإعلام، والتعليم، والدوائر الحكومية، وأن تتحول المرأة الصماء من متلقية إلى صانعة قرار، مدرّبة ومُلهمة وقائدة.

المقالة السابقة
علاج جيني للصمم يعيد السمع بشكل كامل لفتاة عمرها 7 سنوات
المقالة التالية
العنزي تلتقى ممثلة الأمم المتحدة بالكويت لبحث التعاون مع “جسور”