كينج برايمة.. أول أصم يتولى منصبًا قياديًا في هيئة حكومية بغانا

كينج برايمة.. أول أصم يتولى منصبًا قياديًا في هيئة حكومية بغانا

المحرر: سحر شيبة - غانا
كينج برايمة أول غاني أصم متخصص بالتكنولوجيا

لم يكن مرضًا عابرا يصيب طفلا بدأت عيناه تتفحان على العالم من حوله، لكنه كان بداية لتغيير مستقبل الآلاف من ذوي الإعاقة في بلد أفريقي مثل غانا، سيحمل هذا الطفل الملهم أحلامهم في العدل والمساواة والتمكين، ليحقق حلمه الشخصي بعد عقدين من الكفاح والسعى.

كان الطفل كينج بريمة في العاشرة من عمره عندما دخل في غيبوبة إثر مرض مفاجئ،  فاق منها علي عالم جديد ، لا يسمع فيه شيئا ولا يفهم من حوله ، وفي لحظة تحول صخب الطفولة إلي عزلة وسط مجتمع لا يعرف كيف يتواصل معه ..

كينغ برايمة كان طفلًا طبيعيًا يدرس في مدرسته وسط أصدقائه ، ويعيش في كنف أسرة بسيطة، لكن المرض لم يسرق منه السمع فقط، بل كشف له عن قسوة مجتمع لا يعرف كيف يحتوي المختلف، عانى بريمة من العزلة داخل بيته، ومن تجاهل زملائه وسخرية مدرّسيه، ومن نظرة الشفقة التي لاحقته في كل مكان،  لا يتفاهم معه أحد، ولم يُوفر له أي دعم، حتى صار يُعاقَب لأنه لا يفهم ما يُطلب منه.

كينج برايمة
كينج برايمة أول أصم يتم اختياره لإدارة هيئة حكومية في غانا

وسط هذا العناء وقفت والدته كالصخرة في وجه مجتمع بأكمله ، ورفضت أن تتخلى عنه كما فعل الأب الذي سافر إلى ليبيا ولم يعد، آمنت الأم به ودعمته وقررت أن تدخله في عالم يناسبه، فألحقته بمدرسة للصم في إقليم “إيسترن” لتبدأ هناك رحلته الحقيقية.

يقول كينغ برايمة في تصريحات لـ” جسور “: في مدرسة كيبي للصم تعرّفت لأول مرة على لغة الإشارة، وعلى معلم أصم يُدعى “صمويل أوفوري” لم يعلمني فقط قواعد اللغة والرياضيات، بل منحني الثقة في نفسي ، كان عليا أن أتعلم كل شيء من جديد ، اللغة ، والنظام ، وأسلوب الحياة كي أتعايش مع عالمي الجديد، انتقلت لاحقًا إلى المرحلة الإعدادية، وهناك واجهت تحديات جديدة مواد لا تُناسب الصم مثل الموسيقى واللغة الفرنسية، وعدم وجود مترجمين، وعقوبات دائمة بسبب تكليفي بمهام غير ممكنة، لكن رغم ذلك نجحت في شهادة التعليم الأساسي بتفوق، ثم التحقت بالمدرسة الثانوية الفنية الوحيدة للصم في غانا، حيث درست إلى جانب المواد النظرية مهارات فنية مثل البناء والرسم الفني.

ويكمل برايمة: في الجامعة، كنت الطالب الأصم الوحيد في تخصص “تكنولوجيا البناء” بجامعة التعليم فرع كوماسي، وبعد التخرج، لم أسعَ فقط لوظيفة، بل سعيت في خدمة مجتمع الصم بأكمله، فعملت مدرسًا متطوعًا في مدرسة الصم بأشانتي، ثم في مدرسة خاصة بمنطقة “أبلاكو”.

كينج برايمة أول غاني أصم متخصص بالتكنولوجيا
كينج برايمة أثناء مشاركته في الحملة الانتخابية لرئيس غانا

و في عام 2020، تم تعييني مدرسًا رسميًا بمدرسة “مامبونغ أكويبم” وهناك بدأت أمزج بين التعليم والدعوة والتمكين، وفي نفس العام، انتُخبت أمينًا لجمعية الصم في منطقتي، ثم في 2021، أصبحت أول رئيس وطني للصم المسلمين في غانا، أمثل أكثر من 50 ألف شخص ، وبدأت أعمل على تأسيس أول مدرسة إسلامية للصم، وتوفير مترجمي لغة إشارة في المساجد، ودعم الصم خلال رمضان والأعياد.

ويستطرد برايمة: ثم ساهمت في تنظيم بطولة كرة القدم الوطنية للصم، وطالبت في كل وسائل الإعلام بدعم المنتخب الغاني، مما أدى لحصولهم على تمويل رسمي للمشاركة في كأس العالم للصم في ماليزيا، وفي عام 2024، تولّيت منصب نائب المنسق الوطني لملف الإعاقة بحزب “المؤتمر الوطني الديمقراطي” وقدت حملة لحشد مليون ناخب من ذوي الإعاقة لدعم مرشح الرئاسة، والذي فاز بالفعل.

أما الحدث الأبرز، في مسيرتي، على حد وصف برايمة، كان في 6 مايو 2025، حيث عُيّنت كأول أصم في تاريخ غانا ضمن مجلس إدارة هيئة حكومية، وهو مجلس إدارة الهيئة الوطنية للشباب، يعمل هذا المجلس علي على إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في برامج التدريب المهني، والدعم النفسي، والصحة الإنجابية، والأنشطة القيادية والرياضية.

المقالة السابقة
“جنى تحتضر”.. أم فلسطينية فقدت ابنتها الأولى وتستغيث لإنقاذ الثانية
المقالة التالية
وزارة العمل بموريتانيا تكرّم المتفوقين من ذوي الإعاقة