تحولت قصة لي هونج جيانج، أول مذيعة كفيفة في تاريخ التلفزيون الفيتنامي، إلى مصدر إلهام إنساني ومهني.
في حوار خاص مع شبكة VietNamNet Global، روت جيانج رحلتها من طفولة مليئة بالتحديات إلى أن أصبحت صوتًا وصورة قادرة على تمثيل شريحة كبيرة من المجتمع، مؤكدة أن الأشخاص من ذوي الإعاقة لا يعيشون على طرفي نقيض بين البطولة والمأساة، بل حياة عادية مليئة بالفرح والأمل.
من الطفولة إلى عالم الإعلام
تقول جيانج إنها ارتبطت بالصحافة منذ صغرها. بدأت علاقتها بالإعلام عبر برامج الأطفال الإذاعية في «صوت فيتنام»، في وقت لم تكن فيه أدوات مساعدة، فكانت تحفظ الحوارات وتعود إلى المنزل لتسردها على والدتها التي كانت تدونها وتنشرها في الصحف، وهذا الشغف دفعها إلى أن تتخيل نفسها يومًا مذيعة، حتى قبل أن تتاح لها أي فرصة حقيقية.
وتضيف: «كنت دائمًا أحلم أن أكون جسرًا بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم. الإعلام اعتاد أن يصورنا إما كأبطال خارقين أو كضحايا بؤس، بينما الحقيقة أننا نعيش حياة طبيعية مليئة بالفرح».
الفرصة جاءت حين دعتها المذيعة نجوك بخ (VTV4) لتقديم برنامج “الحياة لا تزال جميلة”، لتدخل التاريخ كأول مذيعة كفيفة على شاشة VTV.
تحديات العمل على الشاشة
المهمة لم تكن سهلة، فالمذيعة الكفيفة تحتاج إلى مهارات مضاعفة. تتذكر جيانج موقفًا خلال تصوير برنامج عن مهارات الإسعاف والإخلاء، حيث طُلب منها أداء مشاهد توضيحية بلغة الجسد وتعبيرات الوجه، وهو أمر بالغ الصعوبة لفاقدي البصر.
تقول: «ساعدني المذيعون الأكبر سنًا خطوة بخطوة، وحتى فريق المكياج كان يشرح لي طريقة التطبيق. ربما بدا الأمر مضحكًا على الشاشة، لكنني اجتهدت لأثبت أنني قادرة مثل غيري».
قصص إنسانية ملهمة
من خلال عملها، التقت جيانج بأشخاص تركوا أثرًا عميقًا في نفسها. وأكثر ما تتذكره كان بعد إعصار «ياجي»، حين زارت تعاونية في شمال فيتنام يعمل فيها أشخاص من ذوي الإعاقة بصناعة المنتجات الخشبية.، حيث تقول: «وجدنا المكان مدمرًا، والعمال بلا موارد لإصلاح المعدات. ومع ذلك، كان بريق الرغبة في العمل واضحًا في أعينهم. هذه الإرادة هي جوهر قوة الأشخاص ذوي الإعاقة».
التعليم.. التحدي الأصعب
رغم نجاحها اليوم، إلا أن الطريق لم يكن ممهدًا. أصعب مرحلة في حياتها كانت التعليم، حيث تقول”أحببت المدرسة لكن لم تكن هناك مدارس كافية لذوي الإعاقة. في هانوي درست في مدرسة نجوين دينه تشيو للمكفوفين، لكنها توقفت عند المرحلة الإعدادية. الوصول إلى الثانوية والجامعة كان شبه مستحيل”.
اضطرت جيانج لإثبات قدرتها على التعلم المستقل، دون تعديل المناهج. مرّت بلحظات فقدت فيها الأمل، لكن هدفها في أن تصبح عالمة نفس لمساعدة الأطفال وأسرهم على كسر الحواجز منحها القوة للاستمرار.
الدعم الأسري.. الإيمان قبل كل شيء
تعود جيانج لتؤكد أن عائلتها كانت مصدر قوتها الحقيقي. تقول”أهم ما ميّز والديّ أنهما آمنا بي دائمًا. كانا يقولان لي: «نؤمن أنك قادرة، فقط حاولي. لم يُشعِراني يومًا أن العمى حاجز أمامي».
هذا الإيمان كان الركيزة التي سمحت لها بالانطلاق قبل أن تؤمن هي بنفسها. ومع كل خطوة، أثبتت أن النجاح لا يقف أمامه فقدان البصر، بل غياب الفرص.
بهذه التجربة، لا تُعتبر لي هونج جيانج مجرد مذيعة على شاشة تلفزيونية، بل رمزًا للإرادة ورسالة تغيير في مجتمع يسعى إلى أن يرى الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء أصيل من نسيجه، لا كاستثناء فيه.