«منظمة العمل»: النساء يؤدين 76% من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر لذوي الإعاقة

«منظمة العمل»: النساء يؤدين 76% من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر لذوي الإعاقة

المحرر: ماهر أبو رماد
أم ترعي طفلتها

تؤكد الإحصاءات أن النساء يتحمّلن العبء الأكبر من أعمال الرعاية المنزلية غير المدفوعة الأجر المقدَّمة لذوي الإعاقة، سواء كانوا من الوالدين أو الأبناء أو الأقارب.

ويؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى الحدّ من فرص مشاركتهن الكاملة في العمل، وتحقيق نتيجة سلبية وغير مرجوة، وهى عدم الوصول إلى الدمج المنشود لذوي الإعاقة الحركية أو الذهنية.

رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ينظر لها في بعض المجتمعات كجزء من الأعمال المنزلية، رغم أنها تتطلّب مهامًا إضافية مثل التنقّل، المساعدة في النظافة أو الأكل أو التواصل، المتابعة الطبية، دعم نفسي، وربما تشغيل أجهزة أو متابعة علاج، ومع ذلك، غالبًا ما تُسند هذه المهمة إلى المرأة في الأسرة، كأم أو أخت أو زوجة.

على الصعيد العالمي، تُقدّر منظمة العمل الدولية  أن نحو 708 مليون امرأة حول العالم يقدمن الرعاية غير المدفوعة، من بينها رعاية ذوي الإعاقة، مقابل 40 مليون رجل في عام 2023.

الأمهات يتحملن العبء الأكبر في رعاية ذوي الإعاقة

ووفق بيانات United Nations Development Programme (UNDP)، تؤدّي النساء نحو 76.2% من أعمال الرعاية غير المدفوعة عالمياً، بمعدّل يومي حوالي 4 ساعات و25 دقيقة للمرأة مقابل نحو 1 ساعة و23 دقيقة للرجال.

وعلى صعيد “رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة”، تُشير المبادرة العالمية Global Disability Fund إلى أن برامج “الرعاية غير المدفوعة والإعاقة” تتبنّى نهجًا متعدد الأبعاد لفهم الحواجز التي تواجه النساء والفتيات.

لماذا النساء؟ والاختلافات الجغرافية

هناك عدّة أسباب تجعل المرأة تتحمّل المسؤولية الأكبر، أولًا، المعايير الثقافية التي تربط دور الرعاية بالمرأة، وثانيًا، ضعف الخدمات العامة للرعاية في كثير من الدول، وثالثًا، انخراط المرأة في العمل غير الرسمي أو الأدوار المنزلية التي تُكملها بتقديم الرعاية.

وقد بين تحليل لـ World Economic Forum أن في الدول المتقدمة، النساء يقضين ما يقارب 55% من إجمالي وقت العمل (مدفوع وغير مدفوع) في الرعاية، بينما الرجال يقضون نحو 19%.

أما في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، فالنسبة قد تصل إلى أكثر من 80% من أعمال الرعاية غير المدفوعة يقوم بها النساء، وبالنسبة للاختلافات الجغرافية، ففي شمال أفريقيا، بلغت نسبة النساء المسؤولات عن تقديم الرعاية نحو 63%، وفي الدول العربية عموماً نحو 59%.

هذا يشير إلى أن العبء يكون عادة أكبر في تلك الدول التي تفتقر إلى شبكة قوية من خدمات الرعاية، لكن الاختلال قائم في كل المناطق، حتى في الدول المتقدّمة.

التأثيرات على النساء والمُعاقين والأسرة

عندما تكون المرأة مسؤولة عن رعاية شخص من ذوي إعاقة، فإن الأثر يتعدى العمل البدني أو الزمن، إذ يشمل، من بين ما يشمل، انخفاض فرص العمل أو الانقطاع عنه: فالمسؤوليات المستمرة تؤثّر على إمكانية التوظيف أو تكثيف الدخل، على الجانب الآخر،  الشخص ذي الإعاقة قد لا يحصل على رعاية مهنية أو تكاملية والاعتماد الكبير على المرأة في الأسرة قد يُبطئ أو يضعف إدماجه أو دخوله إلى خدمات مؤسسية أو اجتماعية.

ممارسات ناجحة في دعم رعاية ذوي الإعاقة

في الكويت، يُقدم دعم موجه للأسر التي ترعى أفرادًا ذوي إعاقة، تسمى«‫إعانة شهرية لعناية المرأة بالمعوقين بشدة» تتيح للمرأة التي ترعى شخصًا يعاني من إعاقة شديدة أن تحصل على إعانة شهرية رسمية، هذا يعكس اعترافًا من الدولة بأن دور الرعاية، خصوصًا لدى ذوي الإعاقة، ليس مجرد واجب منزلي بل يتطلب دعمًا وتقديراً.

كرسي متحرك
الأم أهم داعم للطفل في المنزل

إضافة لذلك، تُشير بيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الكويت ضمن الدول التي لديها بيانات جنس- نوع على منظومة الحماية الاجتماعية، مما يتيح متابعة أفضل لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ودور مقدّمي الرعاية.

في الأردن، وثّق تقرير بعنوان «The Value of Women’s Unpaid Care Work in Jordan» لعام 2023 أن هناك دعمًا نقديًا للعائلات التي لديها معوّق، حيث تُقدّم تحويلات نقدية من صندوق المعونة الوطنية، وتُقدَّم مساعدات لتغطية تكاليف الأجهزة التأهيلية لذوي الإعاقة.

في السعودية، تحليل حديث بعنوان «Exploring Saudi Arabia’s care economy in health and social care» (2025) يؤكد أن النظام العائلي لا يزال مركزيًا لكن خدمات الرعاية الخاصة لذوي الإعاقة بدأت تنمو، ما يوفر نماذج يمكن تكرارها لدعم المرأة في تقديم الرعاية.

كذلك، المبادرة العالمية “Unpaid care, disability and gender-transformative approach” التي أطلقتها Global Disability Fund عام 2024، تُعدّ نموذجًا لدمج النوع الاجتماعي والإعاقة في إصلاح أنظمة الرعاية، مع التركيز على تمكين النساء.

ما يمكن عمله لتمكين مقدم الرعاية لذوي الإعاقة

لكي يُصبح لزامًا الاعتراف بهذا الواقع وللسير نحو تغيير، يمكن اقتراح الخطوات التالية: الاعتراف الرسمي بأن رعاية ذوي الإعاقة داخل الأسرة هي “عمل” غير مدفوع ويجب قياسه في الإحصاءات الوطنية، فعلى سبيل المثال، تقارير الأمم المتحدة توصي بإحصاء “النسبة من اليوم التي تقضيها النساء في الرعاية غير المدفوعة” كجزء من مؤشرات التنمية.

تعزيز خدمات الرعاية ودعمها، وإنشاء وتأهيل حضانات، مراكز نهارية لذوي الإعاقة، خدمات التنقّل والمساندة المنزلية، لتقليل الاعتماد الكامل على الأسرة.

تشجيع إعادة التوزيع بين الجنسين: من خلال سياسات إجازة أبوة، وحوافز للرجال لمشاركة الرعاية، وتوعية مجتمعية تفضي إلى تغيير المعايير.

دعم الأسرة التي تقدّم الرعاية: توفير حماية اجتماعية، تحويلات مالية، تدريبًا ودعمًا نفسيًا للمرأة التي تقوم بالرعاية، حتى لا تبقى هذه المسؤولية عبئًا خفيًّا عليها.

دمج الرعاية في أجندات ذوي الإعاقة: عند وضع سياسات الدمج والتمكين لذوي الإعاقة، يجب أن يُؤخذ في الحسبان أن مُقدّمة الرعاية غالبًا امرأة، فعند تحسين وضعها، تتحسّن فرص الدمج والرعاية نفسها.

إنّ التحدّي ليس فقط أن يعترف بأن النساء يتحمّلن الجزء الأكبر من الأعمال غير المدفوعة، بل أن يُفهم أن هذا الوضع يشكّل مدخلاً حيويًّا لتحسين حياة ذوي الإعاقة ولتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا.

ففي كل منزل تُقدّم فيه رعاية لشخص ذي إعاقة، من قبل امرأة ربما تُعاني من إرهاق، يعني أنه لا يمكن تحقيق إدماج فعلي لذوي الإعاقة.

المقالة السابقة
مبادرة لتوزيع أجهزة تعويضية بمديرية حجة باليمن لدعم استقلال ذوي الإعاقة
المقالة التالية
اللون البنفسجي يكسو مباني المملكة المتحدة تضامنًا مع ذوي الإعاقة