جسور ـ حقوق
مفارقة غريبة أكدتها الأرقام، حينما أثبتت أن نسبة كبيرة من قصار القامة يعيش في مصر، كما سنعرف في التقرير التالي:
فانتشار هذه الظاهرة بمصر، له بعد وعامل وراثي، فزواج الأقارب، أثبت أنه ينتج جيل من قصار القامة، وفي بعض الأحيان عدم نمو العمود الفقري، والأكثر انتشارا في العصر الحديث حول سبب تلك الظاهرة، هو سوء التغذيه، حيث ثبت أن الأطفال التي تعتمد في تغذيتها على الأكلات السريعة والجاهزة من حلويات وشوكلاتات، في الأغلب يكونوا قصار قامة ويصابوا بالتقزم، عكس الأطفال التي تأكل طعام صحي.
وكما يرى الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، فليس هناك علاج واحد للتقزم، وإنما مجموعة علاجات، بعضها خاص باضطرابات نمو العظام، وأخرى خاصة بإضطرابات الهرمونات، وإن كان المشكلة في قصر القامة، أن العلاج يبدأ قبل نمو الطفل، لكن بعض نضوج الطفل، للأسف لا ينفع معه أي علاج، ومن هنا خطورة الموقف”.
وعرفت مصر قصار القامة في كل العصور ويوجد تمثال شهير في المتحف المصري بالتحرير للقزم “سنب” الذي وصل إلى مكانة رفيعة في الدولة، ويقدر عدد الأقزام في مصر بما يزيد على 100 ألف شخص طبقاً للإحصاءات، فما هو وضعهم وما المشكلات والتحديات التي تواجههم؟.
يواجه قصار القامة (الأقزام) في مصر كثيراً من التحديات، لكن هذه الفئة عالية الهمة تطمح إلى الاندماج بصورة أكثر فاعلية في المجالات كافة، وعلى رغم تحقيقهم لبعض المكتسبات في الفترة الأخيرة فإنه لا تزال هناك أزمات عدة يعانونها ومعوقات تحتاج إلى حلول.
عرفت مصر قصار القامة في كل العصور ويوجد تمثال شهير في المتحف المصري بالتحرير للقزم “سنب” الذي وصل إلى مكانة رفيعة في الدولة حتى إنه كان كاهناً جنائزياً ومسؤولاً عن الخزانة الملكية في عصري “خوفو” و”جدف رع” واكتشف تمثاله في الجيزة عام 1927 الذي يظهر فيه جالساً القرفصاء وإلى جواره زوجته الطويلة القامة وأمامه أبناؤه الصغار.
يعرف القزم بأنه كل شخص بالغ يقل طوله عن 140 سنتيمتراً، ويقدر عدد الأقزام في مصر بما يزيد على 100 ألف شخص طبقاً للإحصاءات، ومن المفارقات أن هذا العدد يشكل نحو ثلث الأقزام في العالم كله.
وأرجع رئيس جمعية الأقزام المصرية عصام شحاتة في تصريح صحفي، هذا الأمر إلى عوامل عدة، من بينها العامل الوراثي الذي يمكن أن يمتد لأجيال تكون حاملة لهذه الجينات فتكون هناك احتمالية لظهوره بعد أجيال عدة، إضافة إلى زواج الأقارب الذي يساعد على انتشارها، غير أنه أحياناً تحدث طفرات جينية فبالفعل العدد كبير في مصر ولكن الأسباب متعددة، وانطلاقاً من احتياج هذه الفئة إلى كيان يضمها، أُنشئت الجمعية عام 2012 لتكون معنية بالأقزام ومشكلاتهم ونستطيع من خلالها مخاطبة المجتمع المصري والجهات المسؤولة بحاجاتنا”.
وضع الأقزام في الدستور المصري
واحد من المكتسبات التي حصل عليها قصار القامة خلال العقد الأخير هو الاعتراف بهم في الدستور المصري الأخير الصادر عام 2014 الذي تنص إحدى مواده على أنه “تلتزم الدولة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والأقزام” وهي المرة الأولى التي تذكر فيها كلمة الأقزام في الدستور بصورة مباشرة كفئة من ضمن فئات كثيرة يضمها المجتمع المصري.
وبالفعل أدى هذا الاعتراف إلى حصول الأقزام على بعض المكتسبات التي لم تكُن متاحة لهم من قبل، لكن على رغم ذلك فإنه لا يزال هناك كثير من المشكلات والتحديات التي تواجههم ويهدفون إلى حلها من خلال مخاطبة الجهات المختلفة المعنية بهذا الشأن، خصوصاً مع توجه الدولة خلال الأعوام الأخيرة للاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة بصورة عامة من خلال مشاريع ومبادرات متنوعة على رأسها “قادرون باختلاف”.
ويرى عصام شحاتة أن “إضافة كلمة الأقزام إلى المادة المعنية بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة يمثل إنجازاً كبيراً لأنه ترتب عليه انضمام قصار القامة إلى فئة المعوقين والحصول على الحقوق الممنوحة لهم ومن بينها كارنيه الإعاقة، لكن هناك مشكلات كثيرة لا يزال يعانيها الأقزام من بينها أن ضمهم إلى المعوقين يتيح لهم الحصول على معاش من التضامن الاجتماعي ولكنه لا يصرف إلا بعد أن يتم الشخص 18 سنة، لكن على أرض الواقع من هم أصغر من هذا السن هم الأكثر احتياجاً لارتباطهم بالدراسة وكثرة حاجاتهم وعدم قدرتهم على الدخول في سوق العمل”.
ويضيف أن “من المشكلات التي تواجهنا أيضاً السيارات المجهزة للمعوقين، فلا يسمح لقصار القامة بقيادتها ولا بد من وجود مرافق من الدرجة الأولى مثلما يحدث في حال الشخص الكفيف أو المعوق ذهنياً ولكن حال قصير القامة تختلف فهو قادر على القيادة والسيارة مناسبة لوضعه، فلماذا التعنت في هذا الشرط، خصوصاً أن بعضهم لا يكون متاحاً بالنسبة إليه أن يوفر شخصاً للقيادة وفي الوقت نفسه يعاني قصار القامة في أنواع المواصلات كافة لارتفاع سلم الحافلات المختلفة وعدم تمكنهم من صعودها”.