مسقط: جسور ـ رأي
في ظل التحولات التي تشهدها سلطنة عمان لتحقيق رؤية 2040، يبرز مفهوم التمكين الحقيقي لذوي الإعاقة كأحد المحاور الأساسية في بناء مجتمع شامل ومتوازن. ومع ذلك، لا يزال تمثيلهم في المناصب القيادية وصنع القرار محدودًا، على الرغم من امتلاك العديد منهم الكفاءة والمؤهلات التي تؤهلهم لشغل أدوار مؤثرة في مختلف القطاعات.
من التوظيف إلى القيادة
شهدت السنوات الأخيرة تحسنًا ملحوظًا في إدماج ذوي الإعاقة في سوق العمل، إلا أن هذا الإدماج غالبًا ما يقتصر على وظائف محدودة، بينما لا يزال الطريق إلى المناصب القيادية يواجه عقبات ثقافية وإدارية. هناك حاجة إلى إعادة النظر في السياسات المؤسسية لضمان أن التمكين لا يكون مجرد شعار، بل ممارسة فعلية تتجاوز مفهوم التوظيف التقليدي إلى منح الفرص المتساوية للوصول إلى مواقع صنع القرار.
التحدي الأكبر يكمن في النظرة النمطية التي تربط القيادة بسمات جسدية معينة، متجاهلة أن القيادة الحقيقية تقوم على الرؤية، التخطيط، واتخاذ القرار، وهي سمات لا تعتمد على القدرات الجسدية بقدر ما تعتمد على الكفاءة الفكرية والإدارية. وقد أثبتت التجارب العالمية أن ذوي الإعاقة قادرون على تقديم إضافة نوعية في المؤسسات، نظرًا لما يتمتعون به من قدرة على التحدي والتكيف والابتكار.
ولتحقيق تمكين حقيقي، لا بد من تبني سياسات واضحة تتضمن:
1. تخصيص نسبة من المناصب القيادية لذوي الإعاقة وفق آلية عادلة تعتمد على الكفاءة وليس المجاملة.
2. تعديل القوانين لضمان وصولهم إلى هذه المناصب دون عوائق بيروقراطية أو تمييز ضمني.
3. تهيئة بيئة العمل عبر توفير التسهيلات اللازمة، سواء كانت تقنية أو لوجستية، لضمان قدرتهم على ممارسة أدوارهم القيادية بفعالية.
4. إطلاق برامج تدريبية متخصصة لإعداد الكفاءات القيادية من ذوي الإعاقة، بما يضمن تطوير مهاراتهم الإدارية.
إن تعزيز حضور ذوي الإعاقة في المناصب القيادية ليس مجرد مطلب حقوقي، بل هو ضرورة تنموية تساهم في تنويع الرؤى وصنع قرارات أكثر شمولية وعدالة. فالقيادة لا تُقاس بعدد الخطوات التي يخطوها الشخص، بل بعدد الخطوات التي يقود بها مجتمعه نحو مستقبل أفضل.