نشرت جريدة النهار الكويتية، اليوم الأربعاء، حوارا مطولًا، مع السيدة حنان العنزي مديرة ومؤسسة شركة “جسور” العالمية، عبر موقعها الإلكتروني، وعلى صفحة كاملة عبر إصدارها الورقي، تحدثت فيه عن تجربة مجلة جسور الرائدة في دعم وتمكين ذوي الإعاقة في الكويت والوطن العربي، وخطط وطموحات جسور المستقبلية، من أجل ترسيخ مفاهيم الدمج والتمكين لفئة ذوي الإعاقة.. إلى نص الحوار
في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتعدد فيه المنصات الإعلامية، تظل المبادرات الإنسانية الأكثر رسوخاً وأثراً، ومن قلب الكويت، انطلقت مجلة جسور لتكتب قصة إعلامية غير مسبوقة، كأول مجلة عالمية تُعنى بقضايا ذوي الإعاقة، تُصدر بثلاث لغات وتُتاح بطريقة برايل، لتكون جسراً حقيقياً يربط بين هذه الفئة والمجتمع المحلي والدولي.
مجلة جسور، تعد مبادرة إعلامية إنسانية غير مسبوقة، انطلقت من بلد الانسانية لتصنع فرقاً في حياة ذوي الإعاقة وتمنحهم منبراً عالمياً، وتكون جسراً يربط القلوب ويعكس صورة الدولة الإنسانية الرائدة، في هذا الحوار نستمع إلى مؤسسة وصاحبة المجلة، لتروي لنا كيف تحولت الفكرة إلى منصة عالمية تخاطب القارئ بثلاث لغات وتصل حتى بطريقة برايل، وما الذي تخبئه جسور للمستقبل، حيث نفتح صفحات المجلة عبر حديث شفاف مع مؤسستها، حنان العنزي لنستكشف فكرة انطلاقها، تحدياتها، رسالتها، والآفاق المستقبلية التي تعد بها، وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
في البداية، كيف وُلِدت فكرة إصدار مجلة جسور، وما الدافع الأساسي وراء تأسيسها؟
? وُلدت فكرة مجلة جسور من إيماني العميق بأن الإعلام يمكن أن يكون أداة تغيير حقيقية في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة. الدافع الأساسي كان سدّ الفراغ الإعلامي الذي طالما عانت منه هذه الفئة، وتقديم منصة تُبرز قصصهم وإنجازاتهم وتمنحهم صوتاً مسموعاً محلياً وعالمياً. المجلة جاءت لتكون جسراً بين ذوي الإعاقة والمجتمع، وبين الكويت والعالم.
ما الذي يميز المجلة عن غيرها من المنصات الإعلامية التي تتناول قضايا ذوي الإعاقة؟
تميزها يكمن في كونها الأولى عالمياً التي تُصدر بثلاث لغات (العربية، الإنكليزية، والصينية) مع نسخة خاصة بلغة برايل، مما جعلها أكثر شمولاً ووصولاً. إلى جانب ذلك، المجلة لا تكتفي بطرح قضايا ذوي الإعاقة، بل تعمل على إبراز النجاحات الملهمة، وتقديم محتوى نوعي يغطي مجالات التعليم، الرياضة، الفنون، المسرح، والتوظيف، في إطار يعزز الوعي المجتمعي ويفتح أبواب الأمل.
كونها الأولى عالمياً التي تُصدر بثلاث لغات وتتيح نسخاً بطريقة برايل، كيف استقبل الجمهور هذه الريادة؟
الاستقبال كان استثنائياً ومشرفاً، تلقينا إشادات من منظمات محلية ودولية، وأبدى القراء من مختلف الجنسيات إعجابهم بالفكرة واعتزازهم بوجود منصة عالمية تنطلق من الكويت، كما لاقت النسخة بلغة برايل صدى مؤثراً لدى المكفوفين الذين شعروا لأول مرة بأن لهم مجلة متخصصة تصلهم مباشرة.

ما أهمية أن تكون المجلة حاضرة في أماكن مثل الخطوط الجوية الكويتية والسفارات والجهات الرسمية؟
وجود المجلة في هذه الأماكن يحمل بعداً استراتيجياً، فهي لا تُعرّف فقط بذوي الإعاقة وإنجازاتهم، بل تعكس صورة الكويت كدولة إنسانية رائدة أمام العالم، كل نسخة تُوزّع في الخطوط الجوية أو السفارات هي بمنزلة رسالة حضارية وإنسانية تخرج من الكويت إلى المجتمع الدولي.
كيف تسهم المجلة في تعزيز صورة الكويت كدولة إنسانية رائدة؟
المجلة توثق قصص النجاح والمبادرات النوعية التي تنطلق من الكويت، وتُبرز دعم الدولة وقيادتها لذوي الإعاقة، مما يرسخ مكانة الكويت منبراً إنسانياً عالمياً، وهي بهذا تترجم عملياً رؤية الكويت 2035 التي تضع الإنسان محوراً للتنمية.
ما أبرز المجالات التي ركزتم عليها في محتواكم (التعليم، الرياضة، الفنون، المسرح…) ولماذا؟
ركزنا على التعليم لأنه أساس التمكين، وعلى الرياضة لأنها تفتح مجالات واسعة لإبراز الطاقات، وعلى الفنون والمسرح لأنها مساحة للإبداع والدمج، إضافة إلى التركيز على قصص التوظيف وريادة الأعمال. اختيار هذه المجالات كان مقصوداً لإظهار أن ذوي الإعاقة ليسوا متلقين للدعم فقط، بل هم شركاء في التنمية وصنّاع إنجازات.
ما أبرز التحديات التي واجهتكم في انطلاقة المجلة، وكيف تغلبتم عليها؟
من أبرز التحديات كانت التمويل، وصعوبة إقناع البعض بأهمية المجلة في البداية، إلى جانب التحديات الفنية في الطباعة بلغات متعددة، لكننا تغلبنا عليها بالعزيمة والإيمان بالرسالة، وبفضل دعم مؤسسات وطنية وأفراد مؤمنين بالفكرة، نجحنا في إطلاق المجلة واستمرارها.
هل حظيتم بدعم رسمي أو شعبي ساهم في استمرار المجلة وانتشارها؟
نعم، تلقينا دعماً رسمياً من جهات حكومية أشادت بالمبادرة وباركتها، كما وجدنا دعماً شعبياً لافتاً من القراء والمتطوعين والمؤسسات الخاصة التي رأت في المجلة مشروعاً وطنياً وإنسانياً يستحق الاستمرار.
هل هناك قصة أو تجربة معينة نشرت في المجلة وحققت صدى واسعاً محلياً أو دولياً؟
نعم، من أبرز ما نشرناه قصة مبادرة سعودية متخصصة في صناعة المكرميات، حيث قامت بتعليم الكفيفات هذه الحرفة اليدوية الراقية، ومن خلال تسليط الضوء عليها عبر مجلة جسور، أصبحت المبادرة اليوم مطلوبة في معارض دولية، وتتزاحم عليها الهيئات والأسر لتعليم أبنائهم – من المبصرين والمكفوفين هذه الحرفة التي جمعت بين الفن والتمكين، كما نشرنا تقارير متخصصة في القطاع الطبي عن تطوير بعض الأجهزة التعويضية والخدمات المقدمة لذوي الإعاقة، وهي تقارير لاقت صدى كبيراً لدرجة أنها انتقلت لتُعرض في نشرات الأخبار بالقنوات الفضائية المعروفة مثل Orbit، OSN، وقناة اليوم.
كيف تقيسون أثر المجلة في فئة ذوي الإعاقة وفي المجتمع بشكل عام؟
الأثر ملموس وواضح من خلال التوسع في المبادرات التي كتبنا عنها، والطلب المتزايد على الاستفادة منها محلياً ودولياً، كما أن تناول الإعلام المرئي لتقاريرنا يُعد اعترافاً بقيمة المجلة كمصدر موثوق، وعلى مستوى الأفراد، نجد ذوي الإعاقة يشعرون بالفخر عندما يرون قصصهم تُنشر وتتحول إلى مصدر إلهام، بينما أصبح المجتمع أكثر وعياً واستعداداً للتفاعل مع قضاياهم بروح إيجابية وشراكة إنسانية حقيقية.
ما الذي يمكن أن نتوقعه من مجلة جسور في المرحلة المقبلة، خاصة مع دخول النسخة الصينية؟
نطمح لأن نصل بالنسخة الصينية إلى الجامعات والمراكز الثقافية في الصين لتعزيز جسور التعاون الثقافي والإنساني بين الكويت والصين. كما نخطط لإطلاق نسخ بلغات أخرى مستقبلاً، مثل التركية والفرنسية، لتوسيع دائرة الانتشار عالمياً.
هل هناك نية للتوسع في مجالات الإعلام الرقمي أو إنتاج محتوى مرئي/ وثائقي مكمل للمجلة؟
بالتأكيد، بدأنا بالفعل في إعداد برامج قصيرة عبر المنصات الرقمية، ونعمل على إنتاج محتوى مرئي ووثائقي يواكب تطلعات الجمهور العصري. نؤمن أن الإعلام الرقمي هو الامتداد الطبيعي للمجلة، وهو ما سيساعد على وصول رسالتنا لأكبر شريحة ممكنة.
ما الرسالة التي تودون إيصالها لذوي الإعاقة من خلال صفحات المجلة؟
رسالتي لهم: أنتم لستم وحدكم، أنتم صُنّاع الأمل ورواد التحدي. مجلة جسور وُجدت من أجلكم، لتكون صوتاً يروي قصصكم وإنجازاتكم ويُظهر للعالم قدراتكم الاستثنائية.
وما الرسالة الأخرى التي توجهونها للمجتمع بشكل عام تجاه دمج وتمكين هذه الفئة؟
رسالتي للمجتمع: لا تنظروا إلى الإعاقة كعائق، بل انظروا إليها كطاقة. دمج وتمكين ذوي الإعاقة ليس مسؤولية فرد أو مؤسسة، بل هو واجب وطني وإنساني مشترك، ومن خلاله نبني مجتمعاً أكثر عدلاً وإنسانية وتماسكاً.