خلال فعاليات المؤتمر العالمي «نحن الاحتواء» للمعاقين، وهو حدث دولي انطلق أمس، 15 سبتمبر الجاري، يجمع أفراداً من مختلف دول العالم للتعريف بقصص النجاح والتحدي، برزت الفنانة الإماراتية موزة عبدالله بن ذيبان، كواحدة من أبرز الشخصيات التي أثارت إعجاب المشاركين والحضور،.
قصة موزة الملهمة تعد نموذجاً حياً على قوة الإرادة وقدرة الإنسان على التغلب على أصعب الظروف، فهى تعاني من مرض الشلل الدماغي، وبالتحديد حالة«ديستونيا» التي تؤثر على حركة العضلات وتسبب تشنجات صعبة، مما أجبرها على استخدام كرسي متحرك للتنقل في حياتها اليومية، ومع ذلك لم تقف هذه الإعاقة حاجزاً أمام طموحاتها أو شغفها بالفن، على العكس يمكن القول إن الإعاقة كانت محفزاً لها على الإبداع والتعبير عن نفسها عبر لوحة الفنان المبدع.
بدأت موزة رحلتها مع الفن بعد انضمامها إلى مركز الفن للجميع في الإمارات عام 2017، وهو يهتم بتطوير مواهب أصحاب الهمم وتمكينهم في مجالات فنية متنوعة.

من هنا بدأ فصل جديد في حياة موزة، حيث تعلمت كيفية استخدام الفرشاة والألوان بأساليب مبتكرة تناسب قدراتها الجسدية الفريدة، فاغلبت موزة على حديات المرض التي أثرت على يديها وقدميها، لطالما كانت ترسم بشغف وتركز على كل تفصيلة في لوحاتها، والتي تميزت بجمالها وخصوصيتها.
لوحات موزة ليست مجرد رؤى فنية، بل هي قصص مرسومة تحكي عن الأمل رغم الألم، وتعكس أعمالها مزيجاً من المشاعر الإنسانية والوجدان العميق الذي ينتج عن تجربة حياة لم تكن سهلة، لكنها مليئة بالكفاح.
تعد أعمالها شهادة بصرية على أن الإعاقة لا تلغي القدرة على العطاء، بل تمنح الفنانيين أمثاله دفعة إضافية من الإبداع والتميز.
على الصعيد الشخصي تصف موزة تجربتها في التعامل مع المرض والمحافظة على مواصلة ممارسة الفن بأنها رحلة تعلم مستمرة، مرت بها بالتدرج والصبر، مدعومة بالدعم الكبير من عائلتها ومن المركز الذي وفر لها بيئة تعليمية محفزة وداعمة. كما أنها تنشط في المشاركة في ورش عمل ومعارض فنية داخل الإمارات وخارجها، حيث حصدت إشادة كبيرة من النقاد والجمهور على حد سواء.

سفيرة ملهمة لذوي الإعاقة
في المؤتمر العالمي «نحن الاحتواء» لم تكتفِ موزة بدورها كفنانة موهوبة فحسب، بل كانت سفيرة ملهمة لأصحاب الهمم، موضحة أن الإصرار والعزيمة يمكن أن يحولا الإعاقة إلى قصة نجاح ونور يضيء طريق الآخرين.
وشددت على أهمية تعزيز فرص التعليم والتدريب الفني والحرفي لأصحاب الهمم، إضافة إلى توفير بيئات تتيح لهم التعبير عن أنفسهم بحرية وإبداع.
تجربة موزة بن ذيبان تعطي رسالة قوية للمجتمع مفادها أن الاستثمار في مواهب أصحاب الإعاقات ليس رفاهية بل ضرورة، وأن استثمار الوقت والجهد في تطويرهم يثمر عن نتائج باهرة، سواء على المستوى الفني أو الإنساني، مشجعة الجميع على كسر الحواجز الاجتماعية والمادية التي تقف في طريق أصحاب الهمم.
في نهاية الحكاية تترك موزة أثرها كرمز للأمل والتحدي، وكأيقونة في مجال الفن وأصحاب الإعاقات، مؤمنة بأن العالم بحاجة إلى قصص مثل قصتها لتغيير النظرة نحو الإعاقة، وللتركيز على الجوانب الإنسانية التي تجمع الناس، حتى يصبح الفن والابداع جسرا لتواصل يفتح فرصاً حقيقية للجميع.