كل ما تحتاج معرفته عن «كود الإتاحة المصري».. وفك شفرة المواصفة 601

كل ما تحتاج معرفته عن «كود الإتاحة المصري».. وفك شفرة المواصفة 601

المحرر: محمود الغول - مصر
كود الإتاحة المصري يفرض على المباني مواصفات فنية معينة

كود الإتاحة المصري كان حاضرا  في اللقاء الذي انعقد في الثالث من نوفمبر 2025، بين د. إيمان كريم، المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة في مصر، ووفد من نادي هليوبوليس، في اجتماع عمل، لبحث آليات الدمج الفعلي، وتمت مناقشة حزمة من المبادرات، مثل إنشاء «حضانات دامجة» و«حديقة دامجة».

لكن أهم ما أكدته إيمان كريم  خلال اللقاء، هو ضرورة «مراعاة كود الإتاحة المصري» كشرط أساسي لضمان بيئة آمنة وشاملة لكافة المترددين على الأندية..

وهذا يذهب بنا إلى سؤال جوهري: ما هو «كود الإتاحة المصري»؟ ولماذا أصبح أداة تنفيذية في قلب استراتيجية الدولة للدمج؟

كود الإتاحة المصري وفك شفرة المواصفة 601

المعلومة الأولى التي يجب أن تكون واضحة، هي أن مصطلح «كود الإتاحة» ليس مجرد شعار أخلاقي أو تخيلي، لكن أداة تنفيذية حقيقية مفعلة قانونيا، إذ إن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018 هو الذي رسخ الإطار السياسي والحقوقي، الذي يلزم الدولة بضمان «الإتاحة» في كل مناحي الحياة، حسب نص القانون.

على الجانب الهندسي، تأتي المواصفة الفنية المعروفة باسم الكود المصري، لتصميم الفراغات الخارجية والمباني، لاستخدام المعاقين، أو ما يشار إليه غالبا ب «كود 601» الصادر عن المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء  كدليل تنفيذي لتطبيق هذه الفرضية.

وبهذا تتضح العلاقة بين قانون 10/2018 هو الدعامة القانونية والمعنوية التي تحفز الجميع على اتخاذ الإجراءاتن والكود 601 هو الأداة الهندسية، التي تترجم النص القانوني إلى معايير تصميمية ملموسة.

بعض الدراسات تشير إلى أن الكود 601 يعد «كود مباني وأرضيات للمعاقين» ضمن تصنيفات HBRC.

وبالتالي حين تطالب جهة مثل نادي هليوبوليس، بالمضي قدما في دمج ذوي الإعاقة، فإن آلية التنفيذ ستكون ربطا مباشرا بهذا الكود.

كود الإتاحة المصري كان حاضرا في لقاء إيمان كريم ووفد نادي هليوبوليس
كود الإتاحة المصري كان حاضرا في لقاء إيمان كريم ووفد نادي هليوبوليس

الشراكة بين القومي للإعاقة وبحوث الإسكان

لكي لا يبقى الكود حبرا على ورق، تم إطلاق ما يمكن تسميته محركا تنفيذيا عبر بروتوكول تعاون بين المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة. هذا البروتوكول هدفه هو «تفعيل مبادئ واشتراطات الكود المصري… في جميع المباني»، حسب تصريح سابق للدكتور محمد مسعود، رئيس المركز.

بموجب هذا الاتفاق يتوفر مزيج من السلطة الفنية من المركز والسلطة القانونية والرقابية من المجلس. وذلك للعمل معا على ضمان أن المباني الجديدة التي ترخص وكذلك المنشآت القائمة التي يعاد تأهيلها، تراعي الاشتراطات الهندسية الخاصة بالإتاحة.

وهذا يعني أن الأندية أو المؤسسات التي تتجاهل هذه المعايير قد تواجه عراقيل في التراخيص أو إعادة التهيئة. أو تترك خارج مسار الدمج الحقيقي الذي تتبناه الدولة.

سباق كود كود الإتاحة المصري في القطاعات الرئيسية

عند النظر إلى التطبيق الفعلي، يتضح أن الدولة المصرية اعتمدت مسارا مزدوجا يتمثل في المشروعات الجديدة تطبق المعايير فورا، والمنشآت القائمة تمنح فترة سماح للانتقال إلى الامتثال.

في قطاع النقل مثلا تعد وزارة النقل نموذجا بارزا لتطبيق كود 601، حيث يتم تطبيقه في المشاريع الحديثة منذ مرحلة الإنشاء مثل خطوط المترو الجديدة أو المونوريل.

طالع: «القومي للأشخاص ذوي الإعاقة» يبحث إنشاء أول حديقة دامجة داخل الأندية المصرية

في مجال الرياضة تشير المواد في القانون رقم 10 وتنفيذه إلى أن وزارة الشباب والرياضة ملزمة باتخاذ «التدابير اللازمة لتيسير مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة فى البرامج والأنشطة الرياضية» وهذا يعني أن الأندية الرياضية ليست خارج هذا الإطار، بل هي داخل عملية ملزمة قانونيا.

في مجال السياحة والآثار فإن عملية «الإتاحة الثقافية» أيضا مقررة ضمن القانون، وتشمل ليس فقط المنحدرات والمصاعد، بل أيضا تجهيزات كـ «لغة الإشارة» واللوحات بطريقة برايل، إذا الكود ليس حبيس التصميم الميكانيكي، بل يرتبط بمجموعة من السياسات عبر الوزارات.

واحدة من العلامات المهمة في هذا المسار هي أن مصر استخدمت تجربة الحدث الدولي قمة المناخ فى شرم الشيخ لتكون نموذجا لتطبيق الإتاحة الشاملة على أعلى معايير.

وتم التعامل مع مؤتمر مثل كيان مهيأ لاستقبال ذوي الإعاقة بكافة الإمكانات: كراس متحركة، عربات جولف مجهزة، مترجمون للغة الإشارة، ومطبوعات بطريقة برايل، هذا ما وصفته إيمان كريم بأنه «نموذج يحتذى به».

لكن في المقابل هناك تحد أكبر يتمثل في المنشآت القائمة، فالقانون رقم 10 منح فترة سماح محددة لتهيئة المنشآت القائمة. وورد أن المدة الممنوحة هي 10 سنوات من تاريخ صدور القانون. ما يعني أن الموعد النهائي سيكون عام 2028 تقريبا. يعني ذلك أن تسارع العمل حاليا هو سباق ضد الزمن لضمان الامتثال قبل انتهاء فترة السماح.

لماذا هذا الأمر مهم؟

أولا: لأن «الإتاحة» ليست مسألة شكلية فقط أو تحسينية، بل قضية حقوقية وجزء من فلسفة الدمج التي تعترف بأن: «الإعاقة ليست في الشخص، بل في البيئة المحيطة» هذا المنظور يحول التركيز من «مساعدة ذوي الإعاقة على التكيف» إلى «تكييف البيئة من حولهم».

ثانيا: أن تطبيق الكود يعزز الوصول إلى أماكن الترفيه، الرياضة، الثقافة، والحياة اليومية لجميع المواطنين، وليس فقط كجزء من «أخلاق» أو «حسن نية» إنه يدخل ضمن الالتزامات القانونية للمؤسسات والأندية.

ثالثا: لأنه يعكس التزام الدولة برؤية شاملة نحو الدمج، ويمنح آليات تنفيذية ملموسة، ليس فقط نصوصا قانونية عامة، فحين يقول القانون «تيسير مشاركة ذوي الإعاقة»، فإن الكود يحدد كيف يتم ذلك بالمعنى الهندسي، مثل عرض الممرات، ارتفاع المقابض، عرض المصاعد، مسارات الوصول وغيرها، كما تظهر صور الكود 601 المعايير الخاصة بالممرات والأبواب.

وأخيرا لأنه يضع مؤسسات مثل الأندية تحت إطار مسؤولية تنفيذية، وليس مجرد توصية، فزيارة نادي هليوبوليس للمجلس القومي ليست نشاطا لتهنئة فقط، بل خطوات عملية في إطار تنفيذي.

لكن، ومع كل هذا التقدم، لا تزال هناك عقبات مثل المنشآت القائمة تحتاج تمويلا ووقتا، وقد تكون تكلفة التعديل كبيرة بالنسبة لبعض المؤسسات الأصغر، ما يعني أن الوعي الهندسي والتنفيذي للكود قد لا يكون منتشرا بشكل متساو بين الجهات المختلفة مثل الأندية والشركات والمقرات الحكومية.

بعض المصادر تشير إلى أن مسار تفعيل الكود ليس واضحا دائما من حيث الرقابة أو الالتزام الكامل، فالبحث الأكاديمي يرى أن «تفعيل كود الأشخاص ذوي الإعاقة» حتى الآن يحتاج المزيد من المتابعة.

وأخيرا أن الموعد النهائي لتهيئة المنشآت القائمة يشكل ضغطا زمنيا كبيرا، ما قد يؤدي إلى تنفيذ مسرع دون ضمان الجودة أو التوافق الأمثل.

بناء على ما سبق، يمكن القول إن كود الإتاحة المصري، أكبر من مجرد مواصفة هندسية لتصميم منحدرات ومصاعد، فهو أداة تنفيذية لتحويل فلسفة الدولة تجاه الدمج، فلسفة تقول إن الشخص ليس المشكلة، بل البيئة التي تحيط به قد تكون المشكلة، لذا يجب أن تهيأ لتصبح بيئة صالحة للجميع.

المقالة السابقة
5 تحديات تواجه تصميم المنشآت المهيأة لذوي الإعاقة في السعودية
المقالة التالية
دعم ذوي الإعاقات الذهنية يفجر أزمة في بريطانيا بسبب ملياري جنيه إسترليني

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (3) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)