الحب وحده يصنع المعجزات، خصوصا لو كان حبا فطريا خالصا لأحد الوالدين، ولكن عندما يجتمع الحب مع النبوغ والذكاء تكون النتيجة ابتكارا علميا، يفيد كل من يحتاج للمساعدة، من المرضي أو ذوي الإعاقات المختلفة.
جويس عماد طالبة مصرية من محافظة المنيا، من الله عليها بعقل محب للابتكار، وقلب يملؤه الحب لوالدها الذي أقعده الشلل النصفي، وأصبح غير قادر على تحريك يده منذ عشر سنوات مضت، فتمكنت هى من ابتكار قفاز يرتديه في يده العاجزة عن الحركة حتى يتمكن من تحريكها، لتتحقق الامنية ويفلح الابتكار، ليكون بارقة أمل جديدة لوالد جويس وغيره من ذوي الإعاقة.

تقول جويس فى حديث خاص لـ”جسور” إن الدافع الأساسي وراء اختراعها كان محاولة إيجاد حل سريع وفعّال لأكبر تحدٍ واجهه والدها يوميًا، وهو عدم قدرته على تحريك يده. وبعد بحث وجهد كبير استعانت بكلية الهندسة وبالدكتور”هاني نبيل” الذي كان له دور بارز في مساعدتها على كتابة كود برمجي يعمل بكفاءة عالية لتحريك اليد عبر القفاز.
وتصف جويس اللحظة التي شاهد فيها والدها يده تتحرك لأول مرة بعد عشر سنوات من العجز، بأنها لحظة استثنائية “كان مندهشًا وغير مصدق. و كانت ردود أفعال عائلتي وأصدقائي الذين تأثروا كثيرًا مدهشة أيضا”
شاركت جويس بهذا الجهاز في عدة مسابقات على مدار عامين، أبرزها معرض إنتل للعلوم والهندسة (ISEF) في مرحلتيه التمهيدية والمحلية، وتم تصعيد مشروعها إلى المعرض الجمهوري عبر الإنترنت، كما شاركت في مسابقة المبتكر الصغير، وحصدت المركز الأول على مستوى إدارة المنيا والمركز الثاني على مستوى المحافظة.
وفي العام التالي واصلت مشاركاتها بنفس المشروع، وتكرر إنجازاها بالتصعيد إلى مراحل أعلى حيث وصلت إلى المعرض الجمهوري في القاهرة، وشاركت أيضًا في مسابقة شباب المبتكرين، وتم تصعيدها إلى المعرض الثاني على مستوى المحافظة ثم إلى تصفيات الجمهورية.

ولم يكن هذا هو المشروع الوحيد لجويس، فقد طوّرت جهازًا آخر يُستخدم في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ويتم التحكم فيه عبر تطبيق على الهاتف المحمول لتقنين استهلاك الكهرباء في المنازل، وبهذا المشروع حصدت المركز الأول على مستوى محافظة المنيا والمركز الثالث على مستوى الجمهورية في مسابقة ISEF. كما كرّمها وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور رضا حجازي، ونائب رئيس هيئة القوات المسلحة ضمن احتفالية “رواد التميز”.

وتطمح جويس إلى تحويل اختراعها إلى منتج طبي متاح في الأسواق، مشيرة إلى أن منظمي مسابقة “شباب المبتكرين” قد دعموا مشروعها بمبلغ 10 آلاف جنيه، ما مكّنها من شراء أدوات مستوردة وتجربة الجهاز على أكثر من حالة مرضية.
تجربة جويس تمثل نموذجًا ملهمًا لجيل جديد من الشباب الذين يوظفون العلم لخدمة الإنسان ويؤمنون أن الابتكار لا يكون له معنى ما لم يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الناس.