اتهام  وزير التعليم المغربي بتضليل البرلمان بشأن مؤشرات الدمج التربوي

وجّه المرصد الوطني للتربية الدامجة في المغرب انتقادات حادة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سعد برادة، متّهماً إياه بتقديم معطيات «مغلوطة ومتناقضة» خلال عرضه أمام مجلس النواب يوم الاثنين 12 أكتوبر 2025، حول واقع التعليم الدامج للأطفال في وضعية إعاقة.

وأوضح المرصد في بيان له أن الوزير تجنّب تقديم بيانات دقيقة حول تطور عدد الأطفال في وضعية إعاقة المتمدرسين خلال السنوات الأربع الأخيرة، واكتفى بالإشارة إلى بلوغ عدد المؤسسات الدامجة 7416 مؤسسة.

وأضاف أن هذا الرقم «مغلوط ولا يستند إلى أي أساس معياري»، مبرزاً أن الوزارة لا تمتلك إطاراً مرجعياً يمكنها من تصنيف درجة الدمج داخل المؤسسات التعليمية بشكل علمي أو موحد.

وفي ما يتعلق بعدد الأطفال في وضعية إعاقة المتمدرسين، ذكر الوزير أن العدد يبلغ 70 ألف طفل، وهو ما اعتبره المرصد «إقراراً ضمنياً بضعف العرض التربوي الدامج». ولفت إلى أن المعطيات الرسمية منذ عام 2014 تُظهر تراجعاً مستمراً في عدد الأطفال المتمدرسين، إذ انخفض العدد من 95 ألفاً سنة 2021 إلى 65 ألفاً سنة 2025، أي بتراجع يقارب 30 في المائة.

كما أشار إلى أن الموسم الدراسي 2025-2026 شهد تسجيل نحو 5000 طفل فقط في سن التمدرس، رغم أن النسبة المعيارية المفترضة تبلغ 2 في المائة من العدد الإجمالي للأطفال الجدد في التعليم الابتدائي، أي ما يقارب 14 ألف طفل من أصل 700 ألف.

وأكد المرصد أن هذه الأرقام تعكس «ضعف العرض التربوي الدامج والمنحى التنازلي المقلق الذي يعرفه القطاع»، مشدداً على أن الوضع الحالي يُظهر غياب سياسة وطنية مندمجة لتعميم التمدرس الدامج في المغرب. كما نقل البيان عن الوزير أن «مؤسسة واحدة فقط من بين مؤسستين تعليميتين تدمج أطفالاً ذوي إعاقات خفيفة»، وهو ما اعتبره المرصد «دليلاً على سياسة إقصائية ممنهجة» تتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في التعليم.

وأشار المرصد إلى أن معطيات الوزير حول البنية التحتية الدامجة تكشف كذلك عن محدودية الولوجيات داخل المدارس العمومية، إذ لا تتوفر سوى 3300 مؤسسة تعليمية على مرافق صحية ولوجية من أصل 13 ألف مؤسسة، بنسبة لا تتجاوز 25 في المائة. وعدّ المرصد ذلك دليلاً على تقصير الوزارة في تهيئة الفضاءات التعليمية لاستقبال الأطفال في وضعية إعاقة بالشكل اللائق.

وحمل المرصد الوطني للتربية الدامجة مسؤولية هذا التدهور إلى القرار الوزاري رقم 47.19 المتعلق بالتربية الدامجة، معتبراً أنه «يقيّد ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى المدارس العمومية، ويُلزم الأسر بأداء مقابل مادي لخدمة المرافقة المدرسية كشرط للولوج»، وهو ما وصفه بـ«التمييز الصريح والمخالف لمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في الدستور المغربي».

وأضاف المرصد أن الوزير يفتقر إلى رؤية واضحة وشاملة حول قضايا الدمج التربوي للأطفال في وضعية إعاقة، وأنه «يعجز عن مراجعة القرار الوزاري التمييزي الصادر سنة 2019، كما يتردد في إصدار النصوص التنظيمية التطبيقية للمادة 13 من القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي»، وهي المادة التي تنص صراحة على تخصيص نسبة مائوية لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة بالمجان داخل مؤسسات التعليم الخصوصي.

وختم المرصد بيانه بالتأكيد على ضرورة مراجعة السياسة الحالية للتربية الدامجة في المغرب، وإرساء نظام إحصائي دقيق وشفاف يتيح تقييم الأداء الحقيقي للوزارة في ما يخص إدماج الأطفال في وضعية إعاقة في المنظومة التعليمية، بما يضمن لهم حقهم الكامل في التعليم المنصف والمجاني والجيد.