يبقى الفن عموما والمسرح بشكل خاص، أحد أهم أشكال التمكين لفئة ذوي الإعاقة، وهو ما يمنحهم فرصة للتعبير عن مواهبهم على خشبة المسرح وأمام الجمهور.
وتعبر الفرق المسرحية، عندما يكون أعضائها من ذوي الإعاقة عن حالة خاصة من الثقة بالنفس وترسيخ فكرة أن الاختلاف طبيعي، وأن الموهبة لا تفرق بين شخص صحيح ومعاق.
فرقة البيرق المسرحية البحرينية واحدة من قصص الإبداع التي تستحق التحية، منذ ظهورها في عام 2007، وتحية أيضا للسيدة شريفة عبدالله المالكي، رئيسة الفرقة، وهي امرأة بحرينية ذات إعاقة بصرية، والتي تقف خلف هذه الفرقة، واستطاعت أن تحوّل التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة إلى مساحات للإبداع تبث بشكل مباشر أمام الحضور.
في تصريحات خاصة لـ جسور، تحدثت المالكي عن نشأة الفريق، والتحديات التي واجهته، وطموحاتها المستقبلية هى وكل أعضاء فريق البيرق.

تقول المالكي: البيرق هو فريق تحت مظلة الهيئة الوطنية لخدمات المعاقين، والفكرة بدأت قبل انطلاق الفريق المسرحي، حين كانوا يقدمون مسرحيات قصيرة في المناسبات الوطنية والاحتفالات التي نظمتها جمعية المكفوفين في البحرين.

وتؤكد: الانطلاقة الحقيقية جاءت عام 2007، عندما نظمت وزارة التنمية مهرجانًا خليجيًا خاصًا بالمسرح لذوي الإعاقة، شاركت الفرقة لأول مرة بأحد العروض بالإمارات، ثم واصلت حضورها في سبعة مهرجانات إقليمية، حاصدة العديد من الجوائز في مجالات الإخراج والتمثيل، سواء لذوي الإعاقة أو لغيرهم.
وتضيف المالكي:”نحن نسير على مبدأ الدمج، فالمعاق وغير المعاق يساندان بعضهما، لكن الفريق يتشكل بنسبة 80% من ذوي الإعاقة، وقد حصلنا على جوائز عديدة في الإمارات وقطر والكويت والسعودية والبحرين”.

وتشير المالكي إلى أن إدارة الفريق تضم خمسة أشخاص يتقاسمون مهام التنظيم والتنسيق، كما شاركوا في مسرحيات محلية برعاية الشيخ حمد آل خليفة، فضلًا عن عروض قصيرة مثل مسرحية يوم المرور التي هدفت إلى نشر الوعي المجتمعي بقضايا ذوي الإعاقة.
وعن أبرز التحدياتالتي واجهت الفرقة، تقول المالكي:”في البداية لم تكن هناك تحديات كبيرة، لأن وزارة التنمية دعمتنا بشكل كامل، لكن بعد أن زادت مشاركاتنا في المهرجانات، ارتفعت التكاليف وتوقف الدعم”.
وتوضح أن الفريق لم يستسلم، بل واصل العمل مستندًا إلى مواهب ذوي الإعاقة في التمثيل والموسيقى، مضيفة، رفضنا التخلي عن المسرح.

وعن أهمية المسرح في الدمج وتأثيره على الممثل صاحب الإعاقة وحتى على الجمهور، تقول:”قدّم ذوي الإعاقة البصرية المسرحيات وكأنهم مبصرون، وأصحاب الإعاقة الحركية تحركوا كما لو كانت حركتهم طبيعية، حتى أن الجمهور أخذ انطباعًا أنهم جميعًا غير معاقين، فخشبته تعدل سلوك المعاق، وتمنحه الثقة والقدرة على التعبير.
وتشير إلى أن الفريق يضم إعاقات متنوعة كالتوحد والصم والإعاقة الحركية والبصرية، مؤكدة نجاحهم في الدمج وإكساب المشاركين الجرأة والقدرة على التفاعل.
وعن التحديات تحكى المالكي عن مهرجان عُمان، وقرار إلغاء مشاركتهم لكن الفريق أصر على المشاركة بعد تعاون بعض المسؤولين، وكذلك المشاركة التي توقفت في مهرجان مصر عام 2020 بسبب جائحة كورونا.
وعن أحدث العروض تقول: تشارك الفرقة في مصر عبر مهرجان “أولادنا”، بمسرحية “الجدة سندريلا تغادر البحرين”، وهي أول مشاركة خارج نطاق الخليج.
وعن أحلامها، تتمني المالكي أن تمتلك الفرقة مسرحًا خاصًا يحمل اسم البيرق، يُدار بالكامل من قبل ذوي الإعاقة، لأن الهدف هم الدمج الحقيقي، وليس مجرد الدمج الشكلي، ويشهد على ذلك رصيد الفريق من الأعمال التي قدمت على مسارح دول الخليج، ومن أهم هذه المسرحيات، وثيقة صمت، عندما يبتسم المطر، محاكمة دوبي، وقد حصلت على المركز الأول كعرض متكامل بالمهرجان المسرحي الخليجي السابع للأشخاص ذوي الإعاقة بدولة قطر 2024.
وتوضح أن الفرقة تحرص على تدريب أعضائها عبر ورش عمل متخصصة يقدّمها المخرجون، حيث يتم اختيار النصوص الاجتماعية العادية، بعيدًا عن الطابع الخاص بالإعاقة، من أجل توعية الجمهور وتعزيز اندماج ذوي الإعاقة في المجتمع، كما يخصص الفريق قنوات للتواصل والإعلام لتغطية أنشطته.
شريفة المالكي وجهت الشكر إلى المؤسسة الوطنية لخدمات المعاقين في البحرين، برئاسة الشيخ بدعيج آل خليفة، على دعمه وتشجيعه المتواصل للفريق.