ولاية جورجيا – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
داخل مبنى خشبي بسيط بلون بنفسجي باهت في مدينة ماريتا بولاية جورجيا الأمريكية، يتدرب فريق يُعد اليوم من أكثر الفرق الرياضية شمولًا على مستوى العالم. إنه نادي شاتوجا للجمباز، الذي انطلق عام 1976 كمشروع عائلي، ليتحول مع الوقت إلى مساحة رحبة للرياضيين من كل الأعمار، والقدرات والخلفيات.
تأسس النادي على يد سيندي بيكمان ووالديها: توم، الذي تولى البناء، ووالدتها براوني، التي أدارت الشؤون المالية. أما التدريب فكان من اختصاص بيكمان. البداية ليست بهدف دمج الرياضيين من ذوي الإعاقة، فحين انضمت فتاة صماء للفريق الأول، أصبح الاحتياج واضحًا، وتحول شاتوجا تدريجيًا إلى عنوان رياضي بديل، يرحب بالجميع بلا استثناء.
بحلول عام 1987، كانت بيكمان قد تولت تدريب فريق الألعاب الأولمبية الخاصة بمقاطعة كوب، ليصبح شاتوجا مركز التدريب الفعلي لرياضيي الأولمبياد الخاص في المنطقة. ووفقًا لمينورو شينوهارا، الرئيس السابق للجمباز في ولاية جورجيا، يُعد شاتوجا أكثر نادٍ رياضي شامل في الولايات المتحدة وربما في العالم.
أسلوب التدريب داخل النادي لا يشبه النمط المتشدد الشائع في بعض الأندية المتخصصة. ولكنه يشبه العائلة أكثر منه فريقًا تقليديًا، خاصةً أن العديد من الرياضيين يستمرون فيه لعقود. كارين ديفيس، التي انضمت لفريق الألعاب الأولمبية الخاصة في 1987، لا تزال تتدرب حتى الآن في سن التاسعة والأربعين. وباوليت هاريسون بدأت التدريب في التاسعة عشرة من عمرها، وتواصل المشاركة حتى اليوم بعد بلوغها التاسعة والخمسين. اللاعبون واللاعبات يتنوعون بين شباب وأطفال، وأمهات وجدات يشاركن في عروض جماعية، في تجربة نادرة تجمع بين الرياضة والروابط الإنسانية العميقة.
السفر جزء أصيل من تجربة الفريق. فقد شاركوا في عروض ومهرجانات رياضية من جنوب إفريقيا إلى البرازيل، ومن سويسرا إلى فنلندا، وآخرها كان في ألمانيا خلال مهرجان تورنفست، أضخم مهرجان جمباز على مستوى العالم. أكثر من 70 لاعبًا من شاتوجا أدوا عرضًا ضمن فريق الإدماج الدولي، وكان عرضهم الوحيد الذي حظي بتصفيق جماهيري وقوفًا.
بعض أعضاء الفريق أصبحوا رموزًا دولية، مثل لاني ديميلو وشانون لافي، اللتين فازتا بلقب بطلة العالم في فئة متلازمة داون. وكرم مفوض مقاطعة كوب الفريق ببيان رسمي، كما ألهموا فرقة البوب الألمانية “هيرتسجولد” لتأليف أغانٍ عنهم، ويُعد الآن فيلم وثائقي طويل عن تجربتهم من إخراج تريش جوفوني، التي قالت إن قصتهم خطفت قلبها منذ اللحظة الأولى.
القيمة الحقيقية للنادي لا تقتصر على البطولات. بل في أنه كان من أوائل الأماكن التي رحبت بأطفال ذوي إعاقة في وقت كان يُرفض فيه كثيرون. لوسيا باريرا سباركمان تروي كيف اتصلت ذات يوم بالنادي، قلقة من رفض ابنتها ماري لين، بسبب احتياجاتها الخاصة. لكن رد بيكمان كان حاسمًا: “جميع المدربين هنا مستعدون للتعامل معها، في أي وقت وأي حصة”. منذ ذلك اليوم، ظلت ماري لين تتدرب في شاتوجا.
أما أولياء أمور اللاعبين من غير ذوي الإعاقة، فيرون في النادي مساحة تعليمية، يتعلم فيها أطفالهم مهارات الجمباز إلى جانب دروس عملية في احترام الآخر والتفاعل مع المختلف. تقول سيلفانا فورد، والدة آبي ذات الاثني عشر عامًا: “في هذا النادي، نحن من نُدرَج في منظومة الدمج، نحن من نشعر بالانتماء”.
بيكمان لم تتردد يومًا في إشراك فريقها في مسابقات كبرى، حتى عندما لم يكن الحكام على دراية باحتياجاتهم الخاصة. “في أول بطولة بألمانيا، سجلتهم ضمن الفرق الوطنية دون توضيح أنهم من ذوي الإعاقة.. وخطفنا الأضواء”، بحسب تعبيرها.
لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود. تتذكر بيكمان مواقف تعرض فيها بعض الرياضيين للسخرية من رواد المطاعم، لكنها ترى أن الأمور تغيرت مع مرور الوقت. “الناس أصبحوا أكثر تقبلًا لرؤية المختلفين”، تقول. هذه التغييرات انعكست أيضًا على السياسات، حيث تم مؤخرًا السماح لرياضيي الأولمبياد الخاص بالمشاركة في جميع بطولات الجمباز الرسمية بالولايات المتحدة، وهو تطور تعتبره بيكمان خطوة نحو ثقافة أكثر شمولًا.