Skip to content

أعقتُ الإعاقة.. سعيد القحطاني: الصم العرب يواجهون تحديات حقيقية

أعقتُ الإعاقة.. سعيد القحطاني: الصم العرب يواجهون تحديات حقيقية

المحرر: سحر شيبة - السعودية
سعيد القحطاني

لم يكن صمتًا عابرًا، بل كانت عاصفة حادة أغلقت أمام الطفل السعودي سعيد القحطاني صوت العالم، في وقت كان يركض فيه أقرانه من الأطفال خلف بعضهم البعض في الملاهي والحدائق، كان سعيد يتحسس مأساته، ففي عمر الزهور الذي بدأ فيه يكتشف العالم،  فجأة ودّع كل صوت أحبه وسمعه في سنوات عمره الأولى، وداعا أبديا، وكانت النتيجة أن أصيب بضعُف في النطق وعدم توازن.

لكن الإعاقة المباغتة لم تكسره، وفتحت له أبوابًا أخرى للتحدي وإثبات أن الاختلاف منحة ونعمة لمن يجيد ترويضها، إنها الإرادة.

سعيد القحطاني وُلد في المملكة العربية السعودية، بسمعٍ سليم وصحة جيدة، لكنه في عمر الرابعة أُصيب بحمى شوكية أفقدته السمع نهائيًا، وأثّرت على نطقه وتوازنه الحركي، لم تُجدِ محاولات العلاج في الداخل أو الخارج، إلى أن سافر إلى بريطانيا حيث بدأ فصلًا جديدًا من التحدي والتعافي، تحسّن نطقه بنسبة 80%، وحركته بنسبة 90%، لكن السمع بقي في خانة الصفر.

سعيد القحطاني في إحدى المناسبات

لم يرضخ سعيد للإعاقة، التحق بمدرسة للصم في مصر لمدة أربع سنوات، ثم انتقل لمدرسة دمج في السعودية، حيث أكمل دراسته حتى المتوسطة، ثم حصل على الثانوية وهو موظف في وزارة الخدمة كناسخ آلي.

ورغم انشغاله بالعمل، واصل رحلة العلم، فالتحق بثلاث دورات تخصصية في معهد الإدارة العامة بمجال الحاسب وتقنية المعلومات، عُدِّلت لاحقًا كبكالوريوس، لكن النجاح الأكاديمي لم يكن سوى بداية لما هو أعظم، ففي عام 1980، شارك مع مجموعة من الصم في تأسيس أول نادٍ للصم بالرياض، ثم أُنشئ ناديان آخران في الدمام وجدة.

يحكي القحطاني لـ”جسور” قائلًا: “رغم رحلتي الممتلئة بالصعوبات والإنجازات على حد سواء، لا أرى في حياتي تحديات شخصية مادامت إرادتي حاضرة، فدائمًا ما كنت أصف نفسي بأنني أعقتُ الإعاقة قبل أن تُعيقني، وإن كان هناك تحديات حقيقية في واقع الصم العرب لا يمكن إنكارها، مثل البطالة، وغياب الفرص، وقصور التعليم، وصعوبة الدمج المجتمعي، وهو ما يزيد من عزلة الصم داخل المجتمع”.

مكملًا حديثه: “ورغم هذه التحديات تمكنت من تأسيس الاتحاد السعودي لرياضة الصم عام 2001، الذي انبثق عنه 21 مركزًا للرجال، و7 مراكز للفتيات، في مختلف أنحاء المملكة.

ويؤكد القحصاني: ربما ما زال الصوت غائبًا عني، لكن صداه وصل آسيا بأكملها، فانتُخبت رئيسًا للاتحاد الآسيوي الإقليمي لغرب آسيا لرياضة الصم، وأسسْتُ لجنة خبراء ومترجمي لغة الإشارة في المملكة، ولم يتوقف طموحي عند الحدود الجغرافية، بل تمدد حضوري العربي والدولي، فصرت عضوًا في الاتحاد العربي للصم، ورئيسًا فخريًا للمنظمة العربية لمترجمي لغة الإشارة، وعضوًا في المجلس العربي للإعلام لذوي الإعاقة، والمجلس الدولي لرياضة الصم، والمجلس الاستشاري لهيئة رعاية ذوي الإعاقة، كما حصلتُ على الدكتوراه الفخرية الكندية في رياضة الصم”.

ويستطرد: “لم أكتفِ بالتمثيل، بل تركتُ أيضًا بصمتي على لغة الإشارة نفسها، من خلال إعداد عدة قواميس عربية، لتكون مرجعًا للصم ومترجميهم”.

المقالة السابقة
شهر فخر الإعاقة.. فرصة أصحاب التجارب الملهمة لمواصلة التحدى
المقالة التالية
السعودية تحتفل بـ”السبت البنفسجي” لدمج ذوي الإعاقة والتوعية بحقوقهم