Skip to content

صعيدية بدرجة عالمة بيطرية.. مر 50 عاما ولم أنس ألم علاج إعاقتي

صعيدية بدرجة عالمة بيطرية.. مر 50 عاما ولم أنس ألم علاج إعاقتي

المحرر: مصر - جسور - سحر محمد
ميرفت ميلاد الطبيبة البيطرية

ذاقت الطفلة ميرفت ميلاد كل صنوف العذاب، عاشت أوقاتا صعبة ومريرة، تتجرع الألم، بسبب عبارات التنمر ونظرات الشفقة غير المبررة، لكن حزنها الدفين حولته لطاقة نور، أضاءت لها طريق في عتمة المجتمع الذي لا يؤمن بالإختلاف، ويراه نهاية العالم، ليصدر حكمه بلا رحمة.

تجاوزت ميرفت ميلاد كل تلك الحواجز بإرادة شابة، كانت تؤمن بنفسها،  حلمها أن يسبق اسمها لقب “الدكتورة”.. ليصبح حلمها حقيقة، إنها الدكتورة ميرفت ميلاد، أستاذ الطب البيطري بـ جامعة الوادي الجديد بجمهورية مصر العربية، واحدة من المقاتلات والمدافعات عن ذوي الإعاقة.

تروي ميرفت حكايتها لـ”جسور” قائلة: “وُلدتُ بانحناءٍ شديدٍ في العمود الفقري، أدى ذلك الانحناء إلى تشوه بالقفص الصدري وإعاقة بالساق اليمنى. وُضعتُ وأنا طفلة لم أكمل الست سنوات في قميص من الجبس لمدة أكثر من عام، وبرغم كل المصاعب التي مررت بها خلال سنوات عمري الخمسين، إلا أنني لازلت أتذكر حجم الألم الذي كنت أشعر به داخل هذا القفص الحجري القابض على ضلوعي النحيلة”، وهو قميص كان لازما على ارتداءه لعلاج الإنحناء في العمود الفقري.

ميرفت ميلاد الطبيبة البيطرية بالوادى الجديد

وتُكمل ميرفت حديثها: “كنتُ محبةً للعلم، متخذةً منه سلاحًا فتاكًا لكل أوجاعي. كلما انتقلتُ لمرحلة جديدة، أبهرت كل من حولي بتفوق غير متوقع، بل وبإصرار متواصل على النجاح والتميز. حصلت على المركز الأول على محافظتي في الثانوية العامة، ولشدة حبي في الحيوانات منذ صغري، وإحساسي الدائم برحمتهم التي قد تغلب رحمة البشر أحيانًا، اخترت أن أدرس الطب البيطري بجامعة أسيوط، وهي واحدة من أكبر جامعات صعيد مصر.

عانيتُ كثيرًا في الحركة والتنقل من شدة إعاقتي، ولكنني دائمًا ما كنتُ أرى النور في نهاية نفقي المظلم، نورًا حاولت أن يروه معي، كي تُصيبهم بعض عزيمتي ويؤمنوا بحتمية الوصول كما آمنت، ولكن عقولهم ضاقت عن إستيعاب تلك الإعاقة.

وتستطرد :” ذاع صيتي في الجامعة بعد حصولي على المركز الأول على دفعتي، واستمر التفوق حتى التخرج، ثم بدأت رحلة الدراسات العليا، وحصلت على دكتوراه في أمراض الدواجن. ومن شدة تفوقي في البحث العلمي لأمراض الدواجن وتوصيات الجامعات لتطبيق أبحاثي، وخاصة بعد دراستي المستمرة للفيروسات المكتشفة حديثا في أمراض الدواجن ، تم إختياري كمدير لإدارة الرعاية والعلاج بمديرية الطب البيطري للإستفادة من خبرتي وأبحاثي في المجال البيطري.

وفي نهاية قصتها، توجه الدكتورة ميرفت رسالة لذوي الإعاقة، قائلة: “يمنح الله كل إنسان طاقة لمواجهة ابتلائه، ولذلك فإن ذوي الإعاقة لديهم طاقات مضاعفة عن الأصحاء، لأن ابتلاءهم أشد. المهم هو أن يستغل الإنسان منح الله له، ويؤمن أنه طالما اختار أن يسعى وأراد أن ينجح، فلن يُضيع الله أجره أبدًا. ولكل شخص قُدِّر له أن يكون واحدًا من ذوي الإعاقة، لابد أن يكون على يقين تام أن الله اختصه بمنحة خفية داخل محنته. كل ما عليه أن يبحث جيدًا داخل نفسه عن هذه المنحة، ويؤمن أنها خُلقت له وحده. هذه المنحة لا تحتاج أن تُرى بالعين، ولا تُسمع بالأذن، ولا أن تلمسها الأيدي، ولكنها قادرة أن تصنع أسطورة تُبهر العالم بأكمله

المقالة السابقة
الحكومة البريطانية تتنصل من مسؤوليتها عن “تكييف” منازل ذوي الإعاقة
المقالة التالية
صينية تترك وظيفتها وتقود “تاكسي” لعلاج طفلها المصاب بضمور العضلات