Skip to content

حكايات مأساوية.. ذوو الإعاقة بالسودان منسيون في جحيم الحرب

حكايات مأساوية.. ذوو الإعاقة بالسودان منسيون في جحيم الحرب

المحرر: سماح ممدوح حسن- السودان

تكشفت فصول مأساوية لفئة ذوي الإعاقات الجسدية والعقلية، في دولة السودان، في خضم الحرب الدائرة منذ أبريل 2023، يدفعون ثمناً مضاعفاً للنجاة والحياة.

ورصد تقرير صادر عن مركز الألق للخدمات الصحفية بعضا من هذه المآسي، منها، فقدان سارة 14 عامًا، ساقيها تحت أنقاض منزلها بعد قصف جوي عنيف لتبدأ رحلة نزوح قاسية دون تجهيزات مناسبة وسط مراكز إيواء غير مهيأة ومدارس مغلقة في وجهها. تقول سارة بعيون عاجزة عن البكاء “منذ يوم الإصابة لم أنم على سرير ولم أعد طالبة ولم أعد ألعب” .

مأساة أخري بطلها الطفل الكفيف عمر، ففي خيمة بلا صوت أو كتب صوتية يعيش عمر وحيدا بعد أن فقد أسرته وجيرانه، في الحرب، باتت الحرب رغم أنها لم تمس جسده، لكنها سلبت منه كل أسباب الحياة والبقاء والكرامة.

وهنا يوسف 8 سنوات، فقد ساقيه ولعبته وأخته في قذيفة واحدة.، وخالد الإعلامي السابق، يُروى كيف حُمل كقطعة أثاث أثناء النزوح وتعرّض للإهانة في نقاط التفتيش، وحكاية متوكل النازح من شرق النيل، يقول”لم يكن أمامي خيار لكن الحرب اختارتني أنا وإعاقتي”.

ويحكي كثير من الأهالي عن أطفالهم المصابين بطيف التوحد الذين عانوا من الانهيارات العصبية وغياب الفهم المجتمعي ومراكز الإيواء غير الصديقة. بعضهم مثل الطفل”ح.م” انتهت رحلتهم الحزينة بالموت نتيجة الحمى والإهما،  آخرون مثل”م.ل.م” فقدوا والديهم في حوادث النزوح ليجدوا أنفسهم بلا عائلة أو مأوى أو وسيلة للتواصل.

وفي مدينة الفاشر أطلقت مبادرة”ممرات آمنة” نداء استغاثة لإنقاذ المعاقين المحاصرين بالنيران، المبادرة التي يقودها متطوعون من داخل المجتمعات المنكوبة تمكّنت من إجلاء 13 أسرة فقط رغم الاحتياجات المتزايدة.

وقد أشار الناشط الحقوقي محمد الفاضل إلى أن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة تتجاوز التقديرات الرسمية. مطالبًا بخطط عاجلة تشمل الإغاثة والنقل وإعادة التأهيل.

وتكشف شهادات أطباء من مستشفى النو بأم درمان عن”موجة بتر”متزايدة تصل إلى 6 حالات يوميًا، في ظل غياب الدعم النفسي والتأهيلي وتوقف مراكز تصنيع الأطراف الصناعية نتيجة إغلاق مخازن الصليب الأحمر وارتفاع أسعار المواد الأساسية.

وتشير الدكتورة فاطمة عثمان مديرة مركز الإكليل للتدريب النفسي، إلى أن التقديرات الأممية لعام 2023 وضعت عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان عند نحو 7 ملايين. لكنها تحذّر من أن الحرب رفعت الرقم إلى مستويات “مخيفة” وسط غياب قاعدة بيانات واضحة وانعدام الإحصاءات الرسمية الدقيقة.

وفي ولاية كسلا، تحدثت زحل محمد حسين المصابة بإعاقة حركية، عن معاناة إضافية”المركز المخصص لنا بلا ماء وبلا كهرباء والمسافة بين الحمام والفصل نصف كيلومتر. فقدت بصري جزئيًا وقررت اللجوء لأوغندا، لكن حتى هناك وجدت الخيام والأمطار. لا استقرار ولا دواء”

من جانبه حذر طبيب عظام الذى فضّل عدم ذكر اسمه، من أن غياب إعادة التأهيل يعني”إلقاء المصابين في البحر دون تعليمهم السباحة” مشيرًا إلى كارثة إنسانية صامتة تتفاقم كل يوم.

في المشهد العام يُجمع الحقوقيون والمختصون على أن ذوي الإعاقة في السودان لا يعانون فقط من قذائف الحرب بل من قذائف التجاهل. حيث لا خطط طوارئ تُدرج احتياجاتهم ولا حماية من التنمر ولا بنية تحتية تُراعي اختلافهم ولا سياسات تتعامل معهم كمواطنين متساويين.

في ظل صمت المجتمع الدولي وتراخي الجهات الرسمية تبدو أزمة ذوي الإعاقة في السودان مثالاً حيًا على كيف تقتل الحرب الكرامة مرتين. مرة بالجراح ومرة بالإهمال.

المقالة السابقة
شاب كفيف يحدث نقلة في المطاعم البريطانية عبر قوائم طعام ناطقة
المقالة التالية
طلاب الدمج يحصدون مراكز متقدمة في نتيجة الثانوية العامة بمصر